الأحد، أكتوبر ١٥، ٢٠٠٦

شخصية مصر _1




هذا مختصر موجز لكتاب شخصية مصر للدكتوره نعمات احمد فؤاد
تكوين مصر
النيل
لقد ذ كر النيل وحده في القران في مقام الفخر و ذ كر وحده بلفظ الجمع (الانهار) و لم يطلق علي نهر اسم البحر غيره .. و هو تكريم و تشريف . (اليس لي ملك مصر و هذه النهار تجري من تحتي افلا تبصرون). ء
البحر لا يرقي في عين المصريين عند المقارنه ، الي مقام النيل ...و مصر لا تفعل ذلك من باب الشعر و الخيال العاطفي و لكن شا عرها القديم يقول عالما بما في اعماق البحر من كنوز .
(انه النيل قوام العدل الذي يحبه الناس و ما دام الناس لا ياكلون اللازورد الحر ، فالشعير احسن)
كان من اعزاز المصريين لمصر انهم اعتقدوا ان الله خلقها في كفه و سائر البلاد في كفه اخري .
بلغ اعتدادهم بمصرهم و نيلهم حدا جعل البطل (تحتمس الثالث)يقول بعد ان انتصر في موقعة (مجدو) و قد راي دجله و الفرات عند منبعيهما في الشمال (المياه التي تجري في الاتجاه الخاطيء) ان البطل يجري نيله من الجنوب الي الشمال فكل ما عداه خاطيء . انه زهو البطوله و عز الانتماء .
من الطريف اننا اذا اردنا تهوين امر ما نقول (يعني هو البحر هيجري مقبل ) لان النيل يجري شمالا .فتغيير البيل مجراه هو الوحيد ، الحادث الذي يهزنا اما ما عداه فامره سهل .
اثر النيل علي تخطيط المدن حتي انها تميل الي الاستطاله الي حد الانسياح و التفلطح ، لكي تفيد الي اقصي حد من الجبهه المائيه علي النيل
الانسان و المكان
مصر و الزراعه
عرفت مصر الاعماق و الاشواق فارتفعت المسلات و المازن استشرافا طموحا ما يلبث ان يتجسد علي الارض عمائر و منائر و علوما و فنونا و حكمه .حتي الصخر تحول في يد مصر الي حجر كريم اذ نقشته و لونته و شحذته بالمعني و الرؤي و شف و كاد يبين.
بعد الحضاره المصريه يرفع الغرب ناطحات السحاب فاذا بالكم فيها و له تاثيره ، لا يحظي بسحر الدقه الدقيقه في الترصيع المصري و حساسيه الاتجاه في الهرم و ابو الهول.
علمت الزراعه المصري كيف يصنع
من شجرة الجميز صنع المصري تمثال شيخ البلد الذي كتب عنه ماسبيرو يقول:
(لو ان معرضا فتح في مكان ما لتعرض فيه روائع الفن في العالم كله لكان هذا التمثال واحدا من التماثيل التي ابعث بها اليه تمجيدا للفن المصري ).
متحف العلوم في لندن ، يشير الي ان جميع الصناعات تبداء بقدماء المصريين.
لقد ارسل امنحتب الرابع بعثه من عشرة الاف نفس للبحث عن المعادن ..مادلالة هذا؟اي اداره وراء هذا العمل خططت و سيرت ووفرت المؤن و الماء و الوسائل.
ابتدع المصريون انواط و شارات من الذهب لتكريم اصحاب الاعمال البطوليه كما ابتدع المصريين بلطه بلطه صغيرهمن الذهب تهدي لكبار القوادو هي تقابل سيف الشرف حديثا.
مصر اسلوب حضاري
مجتمع متحضر متسام
كان المصري القديم يتطلع الي النيل و الحقول و بعد الاسلام صار يتطلع الي الجنه و الكوثر.
يتسع الصحن في المسجد كالبهو في المعبد في دعوه للنور الخارجي ان يغمر المكان ، و نداء للنور الداخلي ان يعمر النفس ، فيشف الحس و تتوهج الروح.
ان فن المشربيات الذي ابتدعه العصر القبطي كان سببه قلة الخشب في مصر فاحال الانسان المصري فقر الكم الي غني الكيف.
ما اروع ابن البلد و ما اصدقه حين يعبر عن ذروة ادراك القيمه بالتكيف ، فيقول انا اتكيفت، و يقصد بالكيف ، ارتفاعه علي الكم .
من الكيف ان تجوهر الاشياء فتغلو.
فلسفة مصر غير مكتوبه لانها ليست من عمل الذهن وحده بل هي من عمل الانسان الكيان كاملا و مجتمعا بحواسه و عقله و قلبه و دمه و اعصابه علي مثال من عالم الزراعه الذي لا تنفصل فيه البذره عن الارض .
فلسفة مصر كعصارة النبات لا تتبدي لكنها موجوده ، ولا تتحدي لانها مشهوده
طبيعة تفكيرنا التكامل لا التصارع الذي هو اساس الدراما . فمصر حين تتصارع تفيء الي الوحده ، فحروب الشمال و الجنوب انتهت بوحدة الوادي و لبس مينا تاج القطرين . و صراع اوزوريس و سيت انتهي الي تحكيم القضاء و نصب ميزان العدل . و هذا الادراك العميق للامور هو في صميمه بطوله فكريه.
العمل
يقولونان اسلوب الشرق التامل و اسلوب الغرب العمل ، اما مصر فاسلوبها تامل و عمل .
لا يجد المشاهد علي جدران المعابد المصريه فما متثائبا او خطوه متخاذله ، او جسما قميئا مع ان المصريين القدماء سجلوا دقائق حياتهم اليوميه لانهم كلهم كانوا يعملون في جد و لم يكن من بينهم من يتثاءب او يتلهي او يتمطي في الظل .
في عصور الضعف يتقوقع المصري علي نفسه النفيسه ، و يصوغ من دموعه في محارته او عزلته لؤلؤه فنا و صناعه و طرفا .
ان الشخصيه المصريه انتصار علي المحنه ، و صبر علي البلاء لان بلاء المحنه عارض يزول فيتالق الخالد ...تتالق مصر.
في داخل المصريين ميناء ترسو عليها الامهم و تهدا ، و تنصهر الفحمه و تصير جذوه متوهجه يتحول الحجر الصخر في ضوئها الي حجر كريم..
ترهقها قتره ولكن داخلها سليم لا يقهر
لم تعرف مصر حائط المبكي . ان المصري بطبعه و طبيعته ووراثاته ، يرتفع بسرعه علي حزنه الكبير
المصري من وثوقه بالله ، و ثقته بنفسه يستقطب المه في داخله ، و يستدير هو يعيد البناء
احيت مصر الحياه
من حبهم للحياه لا ينطقون باسم الموت بحروفه بل يكنون عنه (سافر حيا،عبر الي الضفه الاخري) و لم يتصور امواته في باطن الارض بل ارواحا مجنحة تحلق كالطيور.
احساس مصر بالكون الشامل
اعتبر المصريون ان الخنزير نجس و كانو يكرهونه لانه فقا عين حوريس و مع هذا صوروه و هم يلاعبونه و يطعمونه و ينتظره الساقي حتي يفرغ من طعامه و في يده اناء جميل ليسقيه
كانوا قادرين علي التجرد الذي يفصل بين راي الانسان في العدو ، و بين الواجب له ككائن حي و هي قمة الانسانيه و المثاليه .
الانسلن المصري فيه حنان حتي في تصوير الذبح فاليد التي تسند رجل الثور ليستطيع القصاب ذبحه ، تتصل به في لمسه تريح ، و تنسي العين الدم المسفوح.
النسان المصري فيه حساسيه مفرطه و مترفه ، فالرسام لا يكمل ثوب الراعي اذا تلاه في الصوره حيوان حتي لا تمسه الثياب
احس المصري القديم ان اللمس و لو بطرف الثوب ليس من اللياقه الحضاريه
من حبهم للحياه كانوا يدللون حتي الحيوانات ، فالغزاله لا يعلقون في رقبتها حبلا بل يغطون جيدها بشال انيق طويل تولع به في ايامنا هذه الانيقات و الثور لا يضعون علي رقبته مثلنا خشبة المحراث المسطحه ، بل يجوفونها علي مثال القبه حتي لا تحز في عنق الحيوان
مصر و الدين
مصر قبل الاديان
قال المصريون عن الاله انه :منقطع النظير في صفاته
قال احد انبياء اليهود:اليكم يا من تخافون اسمي ستشرق شمس العداله تحمل الشفاء في جناحيها.
قوانين حمورابي تعاقب حسب المكانه الاجتماعيه للمدعي او المذنب بينما قانون مصر لم يفرق بين احد
علي الرغم من ان الشعب المصري تعددت فيه الالهه فان الكهنه و الحكماء كانوا يعلمون علم اليقين ان الله واحد(اميللينو) وعرف ذلك افراد عاديين من عامة الشعب
مما يحسب لمصر ان شوقها الي الحقيقه لم تدفع اليه حاجه ملحه و الحاجه ام الاختراع كما يقولون و لكن مصر استشرفت الي الكمال و الي معرفة الله من خلال اخناتون الملك السيد الذي لم تكن عنده مشكله ، و مع هذا كله الغي الملك الامبراطور ، القابه الملكيه كلها حين شعر بضالة الانسان مهما بلغ ، الي جانب الله المتفرد بالعظمه و الجلال و سمي اخناتون نفسه العائش علي الصدق
و هنا وصل بعد التجريد الي التجرد
مصر بعد الاديان
مصر في المسيحيه
في حدة الصدام بين المسيحيه و الرومان قال الاقباط ان المسيح لم يولد في بيت لحم و انما ولد في هيراقليوبوليس في الطيبائيد في صعيد مصر و ذلك ارضاءا لحدة الشعور بمصر و حدة التفاخر بها حتي ليكاد يجمع الدارسون علي ان المسيحيه في مصر كانت تعني القوميه المصريه
يصف جوجييه انتقال مصر من اليونانيه الي القبطيه فيقول في دهشه لا تخفي : لقد سعي الاسكندر الاكبر سعيه ليصبغ الروح المصريه بالروح الهلينيه و اقتفي البطالمه اثره في ذلك و حاولوا جهدهم ان يستميلوا المصريين و يضفوا علي الفكر المصري مسحه يونانيه بحته و قد ثابروا في هذه السبيل مدة ستة قرون يحاولون فيها الوصول الي غرضهم و خيل اليهم انهم نجحوا في ذلك لما راوا المصري و قد شغف بمختلف انواع الثقافات ياخذ منها اينما وجدها و يستمتع بالفن حيثما تلقاه ، و لكن المصري له قدره عجيبه علي تكييف الفنون وفق مزاجه و يستسيغ العلوم بحسب ذ وقه وهو _بعد هذا كله _مصري تاصلت جذوره في هذه التربه التي اذدهرت فوقها حضارته العريقه ، فالمصري مع كل ما يهضمه من علوم و فنون غريبه فخور بماضيه ، مشغوف ببلاده فهذا الشغف و هذا الفخر تاصل فيه الي حد بعيد الغور فهو ثبت في مصريته بحيث لا يمكن اقتلاعها منه او تحويله عنها مهما تنوعت المؤثرات
حددت مصر الاعياد و اوقات الصيام للعالم المسيحي كله ووضعت النظام الرعوي الذي يبدا من الاسقف و ينتهي الي الشماس
مصر في الاسلام

ليست هناك تعليقات: