الخميس، يوليو ٢٦، ٢٠١٢

تصوف/تمارين روحية

كتاب/تصوف

تاليف /نيكوس كزانتزاكيس

هدية جريدة القاهرة رقم 112
......................

ناتي من هاوية مظلمة و ننتهي الي مثيلتها .اما المسافة المضيئة بين الهاويتين فنسميها الحياة.

ص8
لحظة ان نولد تبدا رحلة العودة.الانطلاق و العودة في ان.كل لحظة نموت .لهذا جاهر كثيرون ان هدف الحياة هو الموت.
ص8

ما ان نولد حتي تبدا محاولاتنا في ان نخلق و نبتكر ،ان نجعل للمادة حياة.كل لحظة نولد. لهذا جاهر كثيرون ان هدف الدنيا هو الخلود.
ص8
في الاجسام الحية الفانية يتصارع هذان التياران:
الصاعد ،نحو التركيب،نحو الحياة،نحو الخلود.
الهابط،نحو التحلل،نحو المادة،نحو الموت.
ص8
هذان التياران ينبعان من اغوار الجوهر البدائي .الحية تفاجيء في البدء ،تبدو و كانها خارجة علي القانون ،كانها طبيعة مضادة،كانها رد فعل علي الينابيع المظلمة الخالدة.لكننا نشعر في اعماقنا ان الحياة هي الاخري فوضي و فوران لا نهائي للكون ،و الا فمن اين تاتي تلك القوة التي تفوق طاقة البشر ؟تلك القوة التي تقذف بنا من الغيب الي الميلاد ثم تشد ازر كفاحنا نباتات و حيوانات و بشرا.هذان التياران كلاهما مقدس.
واجبنا اذن ان ندرك الرؤيا التي تستطيع ان تستوعب هذين الاندفاعين الهائلين- الفوضويين و اللانهائيين ،و تجانسهما ،و ان نضبط بهذه الرؤيا فكرنا و سلوكنا.
ص8
عليك بالانضباط .انه الفضيلة العليا،و به وحده تتكافا الرغبة بالقوة ،و تثمر محاولة الانسان.
ص11
العقل يتكيف ،فله القدرة علي الصبر و يعجبه اللهو،لكن القلب يتوحش و لا يقبل لهو العقل.انه يقفز و يصطخب لكي يمزق شباك الضرورة .
ما قيمة ان اهيمن علي الارض و الماء و الهواء ،و ان انتصر علي الزمان و المكان ،و ان ادرك باي القوانين تتناغم و تاتي المرة تلو الخري هذه الصورة المنعكسة علي المرايا ،التي تصعد من صحراء لعقل الملتهبة؟
اشتاق الي شيء واحد هو :ان ادرك ما الذي يختبيء خلف الظواهر .ما هو هذا السر الذي ينجبني ثم يقتلني ؟و هل خلف التيار المنساب و المرئي للعالم يختبيء حضور ثابت لا مرئي؟
اذا كان العقل لا يستطيع و ليس من شانه ان يحاول التقدم خارج حدود بوابة الخروج البطولية اليائسة فهل يستطيع القلب؟
ص12
بعيدا ...بعيدا... بعيدا في ما وراء الانسان ،ابحث عن السوط اللا مرئي الذي ينهال عليه و يدفعه للكفاح .و في ما وراء الحيوانات اجهد نفسي لاري ذلك البدائي الذي ينافح صانعا و مهدما ،و هو يسكب مرة اخري الاقنعة التي لا تحصي لتنطبع علي تيار اللحم.
وفي ماوراء الحيوانات احاول ان اميز اثار الخطي الاولي للامرئي علي الوحل الطيني.
ص12
صوت في داخلي يصيح امرا:
احفر .ماذا تري؟
بشرا و طيورا ،مياها و حجارة.
احفر ايضا..ماذا تري
افكارا ...و احلاما...بروقا...و خيالات .
احفر ايضا .ماذا تري؟
لا اري شيئا !ثمة ليل عاصف غليظ كالموت ،لعله الموت.
احفر ايضا!
اه لا استطيع ان اعبر شبه الجدار المظلم !اسمع اصواتا و نحيبا،اسمع حفيف اجنحة ات من الضفة الاخري.
لا تبك!لا تبك!انها ليست من الضفة الاخري.كل هذه الاصوات و النحيب و حفيف الاجنحة هي قلبك.
ص13
بعيدا عن العقل ،و في الهاوية المقدسة للقلب اتوازن مرتجفا احدي قدمي تحط علي تراب حقيقي ،و الاخري تبحث عبر الظلام عن الهاوية.
ص13
يقول العقل:لماذا نتوه بحثا عن المستحيل ؟يجب ان نعترف بحدود الانسان داخل السور المقدس للحواس الخمس.
لكن صوتا اخر بداخلي و لنسمه الحاسة السادسة او لنسمه القلب يقف معترضا و يصيح .
لا،لا،لا تعترف ابدا بحدود الانسان !عليك ان تحطم الحدود !ان تنكر ما تراه عيناك !ان تموت وا نت تردد لا يوجد موت.
ص13
عيني صافية و خالية من كل امل ،تري كل شيء .تري الحياة لعبة بل مجرد عرض يقدمه ممثلو مسرح جسدي الخمسة.
ص13
انا مخلوق مؤقت و ضعيف ،مصنوع من طين و احلام لكنني ادرك ان في داخلي تصطخب كل قوي الكون.
اريد للحظة واحدة ،و قبل ان تحطمني هذه القوي ،ان افتح عيني فاراها امامي .هذا هو هدفي في الحياة.
اريد ان اجد مبررا لكي استمر علي قيد الحياة ،و لكي اتحمل المشهد اليومي المرعب للمرض و القبح و الظلم و الموت.
بدات من نقطة مظلمة هي الرحم ،و اسير نحو نقطة مظلمة اخري هي القبر .احدي القوتين تقذفني في هاوية مظلمة و الاخري تسحقني ،بلا انقطاع ،في هاوية مظلمة.
ص14
اكافح لكي اكون قادرا علي هز راسي للرفاق محييا قبل ان اموت ،و ان امد يدي لهم مصافحا ،و لتنحل عقدة لساني فالقي عليهم قولا بليغا احدثهم فيه عن تصوري لهذه المسيرة و عن تكهناتي بالاتجاه الذي تسير فيه ،و عن مدي حاجتنا جميعا لضبط ايقاع خطواتنا و قلوبنا علي بعضها البعض.
ص14
ان هدف هذه الارض ليست الحياة و ليس الانسان .فلقد عاشت بدونهما و ستعيش لاحقا بدونهما .انهما الشرارات المؤقتة لدورانها العنيف.
ص14
نحن نحارب لاننا نستمتع بذلك .نغني حتي اذا لم نجد اذنا تصغي لغنائنا .نعمل حتي اذا لم نجد رب عمل يدفع لنا اجرنا اليومي عند الاصيل .نحن لا نعمل للغير ،اذ نحن ارباب العمل. ان كروم هذه الارض ملك لنا .انها لحمنا و دمنا .نحن الذين نحفر لها التربة ،و نشذب فروعها و نجني عنبها و نعصره ،و نشرب النبيذ ،و نغني و نبكي ،و تصعد الي رؤسنا افكار و احلام .
في أي مواسم دورة حقل الكروم اختار لك الحظ ان تعمل ؟في موسم الحفر ام في موسم جني العنب ام في موسم الاحتفالات ؟انها جميعا شيء واحد.
احفر و ابتهج بكل دورة.اغني رغم عطشي و ارهاقي منتشيا بنبيذ المستقبل.
ص16
انا سلة مليئة باللحم و العظام و الدم و الدموع و العرق ،بالرغبات و الرؤي .اعدو للحظة في الريح، اتنفس،يخفق قلبي ،يضيء عقلي ،و فجاة تنفتح الارض و اضيع.
ص17
داخل سلسلتي الفقرية يصعد و يهبط تياران ،و في احشائي رجل و امراة يتعانقان .يتحابان يتباغضان.يكافحان.
ص17
قوي لا تحصي ،مرئية و خفية،تفرح و تتبعني حين اتقدم صاعدا بمشقة عكس التيار العظيم.
قوي لا تحصي ،مرئية و خفية ،تهدا و تسكن حينما اتراجع الي الوراء ،هابطا عائدا الي التراب.
ص17
اجيال من البشر تصعد من التراب ثم تسقط ثانية في التراب .
ص18
امنح نفسي كل شيء ،احب ،اتالم،اكافح.عالمي يمتد لابعد مما يتخيل العقل.
ص18
قلبي سر عميق و غامض.
ص18
ايتها النفس،لو تستطيعين،اصعدي علي الامواج الصاخبة و احتوي البحر كله بنظرة من عينيك.سيطري علي كل قوي ادراكك حتي لا تتزعزع و غوصي مرة اخري في عمق البحر وواصلي الكفاح.
ص18
جسدنا سفينة تسبح في مياه عميقة زرقاء.
ما هو هدفنا:ان تتحطم سفينتنا!!
ص18
الارض الجديدة توجد فقط في قلب الانسان.
ص18
احدق في المادة و العقل و هما يتحركان ،و هما يلتحمان ،و هما يتناسلان،و هما يغيبان كانهما اطياف من العشق لا وجود حقيقيا لها ثم اقول:هذا ما اريده.
اعرف الان انني لا اطمع في شيء و لا اخاف من شيء .لقد تخلصت من العقل و من القلب و صعدت الي اعلي .انا حر .هذا ما ابتغيه و لا ابتغي شيئا عداه فلقد كنت اطلب الحرية.
ص19
تفاجئني صيحة قوية تاتي من داخلي :"النجدة"
من الذي يصيح؟
اجمع قواك و ارهف السمع .قلب الانسان ليس الا مجرد صيحة .التصق بصدرك لكي تسمعها .
شخص ما يكافح بداخلك هو الذي يصيح.
ان واجبك في كل لحظة ،ليلا و نهارا ،في الفرح و في الحزن ،
و في خضم مشاغل الحياة اليومية،هو ان تميز هذه الصيحة ،
متهدجة كانت ام متماسكة،كيفما صدرت عنك ،
سواء كنت مبتهجا ام باكيا ،فاعلا ام مفكرا ،
و ان تكافح لكي تحس بهذا الذي يصيح و هو يواجه الخطر و نجند انفسنا لتحريره.
في اقصي حلالت فرحنا نسمع بداخلنا احدا يصيح :
"اني اتالم ،اريد ان افر من فرحك.انني اتميز من الغيظ".
في اقصي حالات ياسنا نسمع بداخلنا احدا يصيح :"لست يائسا .
اني اكافح .اقبع فوق راسك .
اطل من جسدك ،انبثق من الارض ،
لا تسعني العقول و لا الاسماء و لا الافعال".
ص20
لابداخلي شخص يواجه الخطر.رفع يديه صائحا يستغيثني :"انقذني".
بداخلي شخص يتقدم صاعدا ،يسير و هو يصيح:"النجدة"!
أي من الطريقين المقدسين علي ان اختار ؟
و فجاة ادرك ان حياتي كلها بل و حياة الكون باكمله مرتبطة بقراري هذا .
من بين الطريقين اختار الطريق الصاعد .لماذا ؟ليس لاي حجج عقلية او يقين،
فعند تلك اللحظة الحاسمة استوعب كم هو غير خبير هذا العقل ،
بل و كل القناعات الصغيرة للانسان.
اختار الطريق الصاعد لان قلبي يدفعني نحو هذا الاتجاه .
يناديني قلبي :"الي الاعلي ...الي الاعلي "فاتبعه بكل ثقة.
ص21
بدلخلي يكافح شخص ليرفع حملا ثقيلا ،
يراجع حساب الجسد و العقل منتصرا علي العادة و الكسل و الضرورة .
لا ادري من اين ياتي و لا الي اين يذهب .
اتبع خطاه داخل صدري الفاني.ارهف السمع الي لهاثه و اقشعر حين اتحسسه .
من هو؟انصب له اذني.اضع علامات.استنشق الهواء ثم اصعد الي اعلي.
ابحث في اتجاه الاعالي .الهث .ابدا المسيرة الرهيبة.
ص21
انا لست طيبا ،و لست نقيا ،و لست مطمئنا .
السعادة لا تطاق و الشقاء لا يطاق .
انا مليء بهمهمات ذعر و ظلام .
اتدفق دموعا و دماء داخل زريبة لحمي الساخنة هذه.
ص22
انا لست الضوء.
انا الليل،لكن شعلة تربض ما بين احشائي و تاكلني .
انا الليل الذي ياكله الضوء.
ص22
امرن جسدي كحصان محارب ،
احافظ عليه بسيطا و قويا و طيعا .
اني اقسو عليه واواسيه ،اذ ليس لي حصان سواه .
احافظ علي عقلي يقظا و صافيا و حادا .
اثق في ان يكافح بلا انقطاع هذا النور الذي يلتهم الظلام ،
اذ ليس لي معمل غيره يستطيع ان يحول الظلام الي نور.
ص22
واجبك الذي تستطيع ان تؤديه هو ان تكون بطلا في موقعك .
عليك ان تحب المخاطر .
ص23
تعلم ان تطيع .
وحده الذي يذعن لايقاع اعلي من ايقاعه يستطيع ان يكون حرا.
تعلم ان تصدر الاوامر.
وحده الذي يستطيع ان يامر يستحق ان يمثلني علي هذه الارض.
عليك ان تحب الواجب ،
و ان تقول:علي انا وحدي تقع مسؤلية انقاذ الارض.
و اذا لم تُنقَذ فانا المذنب.
عليك ان تحب كل شخص بمقدار مساهمته في الكفاح ،
و الا تبحث عن اصدقاء و انما عن رفاق.
ص23
انا لست جسدا معلقا لا جذور له في العالم .
انا تراب من ترابه و نفس من انفاسه.
ص24
لا اخاف وحدي ،
و لا امل وحدي ،و لا اصيح وحدي .
قطاع كبير و قُوَي هائلة من الكون تخاف و تامل و تصيح معي.
ص24
انا جسر شُيِدَ بغير اتقان .احدهم يعبرني فاتحطم وراءه.
احد المناضلين يخترقني ،
ياكل جسدي و عقلي لكي افتح له الطريق ،
و لكي ينجو مني .انه هو الذي يصيح و ليس انا.
ص24
الصيحة لا تصدر عنك .لست انت الذي يتكلم .
اسلاف باعداد لا تحصي هم الذين ينطقون عبر فمك
انت لا تعبر عن رغبتك الشخصية
و انما تعبر من خلال قلبك عن رغبات اعداد لا تحصي .
ص25
ان اجيال المستقبل لا تتحرك في الزمن اللا يقيني بعيدا عنك .
انهم يعيشون و ينشطون و تتملكهم الرغبات دخل قلبك و كليتيك.
ص25
واجبك الاول و انت توسع اناك في هذه اللحظة المؤقتة التي تسير فيها علي الارض ،
هو ان تفلح في ان تعيش المسيرة الخالدة ،
ان تحيا المرئي و اللا مرئي من ذاتك.
ص25
لم نتمكن من تحويل افكارنا الي اعمال .
حولها انت الي اعمال .
لم نستطع القبض علي ملامح وجه امالنا لنتحقق منها ،
فلتتحقق انت منها ،و لتكمل عملنا!
ص26
كل فعل لك يتردد صداه في الاف الاقدار.
ص26
لانك لست عبدا ،لذلك فحال ولادتك وُلد معك احتمال جديد ،
و اندفاعة حرة تهز الظلمات العميقة لقلب عشيرتك.
و سواء اردت ام لم ترد ،
فانك تحضر معك ايقاعا جديدا ،و رغبة جديدة،
و فكرة جديدة ،و حزنا جديدا.
انك توسع جسدك الابوي اردت ام لم ترد.
ص26
اسلافك و احفادك الذين لم يولدوا بعد هم جسدك اللا مرئي.
ص27
وحده الذي يتخلص من جحيم ذاته ،
هو الذي يشعر بالجوع حين يري احد ابناء جنسه يتضور جوعا،
و يقفز فرحا حين يري امراة و رجلا
 من عشيرته يتبادلان القبل .
ص27
كافح من اجل جسدك الاكبر
 كما تكافح من اجل جسدك الاصغر .
كافح من اجل ان تكون كل اجسادك قوية و بسيطة و كاملة ،
و ان يضاء عقلها و ان ينبض
قلبها متوهجا و باسلا و متوترا.
ص27
اذا ضاع احد ابناء عرقك فانه يدفعك معه في ضياعه ...
احد اعضاء جسدك يتلف.
ص27
ان واجبك و انت تقدم خدمتك التطوعية لبني جنسك
 هو ان تشعر في داخلك بكل الاسلاف.
واجبك الثاني هو ان تضيء انطلاقتهم و ان تواصل عملهم .
واجبك الثالث هو ان تنقل الي ابنك الواجب الاكبر و هو ان يتجاوزك.
ص28
كافح من اجل ان تعطي
 معني لصراعات الانسان المتصلة .
مرن قلبك كي يسيطر قدر استطاعته
علي حيز اكبر من ساحة المعركة.
ص30
مرن عينيك علي مشاهدة شعوب باكملها تتحرك علي حقب زمنية كبيرة.
ص30
ان القلب يؤالف كل ما يقسمه العقل،
انه يتجاوز ساحة الضرورة و يحول الصراع الي حب.
ص31
ما معني السعادة؟
هو ان تعيش كل انواع التعاسة.
ما معني الضوء؟
ان تري بعين غير معتمة كل الظلمات.
ص31
علينا ان نلتحم في اتون المغامرات ،
علينا ان نعطي لرحلتنا معني ،
و ان نكافح دون انقطاع مع البشر.
ص31
مثل جزيرة تصعد من العدم،
سيصعد عمل الانسان ببطء و بكد شديدين.
ص31
من كل هذه الاجيال ،
و من كل هذه التعاسات و الافراح
و حالات العشق و الحروب
 و الافكار ينبعث صوت هاديء و صاف
 لانه يحتوي علي كل خطايا و مخاوف الانسان المكافح
الذي يتجاوزها و يصعد.
ص32
ان التلف سيصيب جسدنا ،
و سيعود الي التراب ،
لكن ما الذي سيؤل اليه ذلك الذي يتعداه.
ص40
كل كلمة تشبه قارب نجاة.
ص40
مهما تعيش النشوة فانك لن تستطيع ان تحولها الي قول ،
و لكن رغم ذلك عليك ان تناضل لكي تحولها الي قول.
ص40
الممارسة ليست ان تري فحسب
كيف تقفز الشرارة من جيل الي اخر،
و انما ان تقفز و تحترق معها.
ص42
الممارسة هي البوابة الكبري للخلاص ،
و هي الوسيلة الوحيدة التي
تستطيع الاجابة عن اسئلة القلب.
ص42
ننجح نحن غير الخالدين في ان ننجز امرا خالدا ،
لاننا بذلك نتعاون مع من هو خالد.
ص42
لو اننا نناضل مجتمعين و نظل دائما جنودا
 ساهرين فلربما تمكنا من انقاذ الكون.
ص46
نضالنا كله قد يذهب هدرا اذا ما تقاعسنا ،
ولو ادركنا الخوف ،
او تملكنا الذعر ،
فان الكون كله سيصبح في خطر.
ص46
ان صلاتي ليست ندبة شحاذ ،
و لا اعترافات عاشق ،
و لا حسابات متواضعة لتاجر مقايضة صغير:
وهبتك فاعطني.
ان صلاتي هي تقرير من جندي الي قائده
:هذا ما فعلته اليوم...
هكذا حاربت لكي انقذ قطاعي الخاص طوال المعركة ،
هذه هي المعوقات التي واجهتها ...
و هكذا افكر استعدادا لمعركة الغد.
ص47
نحن البشر تعساء،
عديمو القلب ،ضئيلون ،
عدميون.لكن في داخلنا يكمن جوهر اسمي منا
 يدفعنا بلا رحمة نحو الاعالي.
ص48
من داخل هذا الطين الانساني تتدفق اغان الهية ،
و افكار عظيمة،و حالات عشق جارفة ،
و اندفاع يقظ و غامض بلا بداية و بلا نهاية،
و بلا هدف ، بل ووراء كل هدف.
ص48
ان الانسانية مثل كتلة من الطين ،
و كتلة الطين هي كل واحد منا .
ما هو واجبنا ؟ 
ان نناضل من اجل ان تترعرع زهرة صغيرة 
علي سماد جسدنا و عقلنا.
ص48
كيف يبدا الضوء من نجمة
 ثم يصب في العتمة الخالدة
 و يسير في مسيرة ابدية؟
فالنجمة تموت و لكن الضوء لا يموت.
ص48
ناضل من خلال اللقاء المؤقت للقوي المتناقضة ،
الذي يشكل وجودك انت ،
لكي تبدع اقصي ما يستطيعه الفاني في هذا العالم 
...ان تبدع صيحة.
ان هذه الصيحة تترك للارض الجسد الذي انجبته ،
و تتقدم في مسيرتها و هي تعمل ابدا.
ص48
في اللحظات الحاسمة يدفع العشق البشر
 بقوة ليلتحم بعضهم بالبعض الاخر ،
ليلتحم العدو و الصديق ،
و الطيب و الخبيث .
انه ريح اعلي منهم،
و مستقلة عن رغباتهم و افعالهم.
ص49
في كل لحظة حاسمة تخاطر جماعة من البشر ،
و هي تتقدم في الطليعة ،
معيدة حقيقة الاله ،
و هي تحارب حاملة علي عاتقها كل مسؤلية المعركة .
ص50
انا نركن للنسيان بسبب العادة و الجبن 
لكن الصيحة تمزق احشاءنا مرة اخري
 و كانها نسر.
الصيحة لا تاتي من الخارج ،
انها لا تاتي من بعيد ،
كي يمكننا ان نتحاشاها انها تسكن في قلوبنا و تطلق نداءاتها.
ص50
عصرنا هذا هو لحظة حاسمة و عنيفة .
انه عالم يتحطم و اخر لم يولد بعد.
عصرنا ليس عصرا للتوازن .
فلا مكان لفضائل كالنبل و التسامح و السلام
 و الحب ان تجد لها فيه ارض خصبة.
ص51
هذا هو عصرنا ،خيرا كان ام شرا ،
جميلا كان ام قبيحا،غنيا كان ام فقيرا .
نحن لم نختره ،هذا هو عصرنا ،
انه الهواء الذي نتنفسه ،
و الطين الذي منح لنا ،
هو الخبز ،و هو النار .هو الروح!
ص51
فلنتقبل الامر بشجاعة .
ان قسمتنا و نصيبنا هو الحرب .
فلنشد الاحزمة علي خصورنا جيدا ،
و لنسلح اجسادنا و قلوبنا و عقولنا !
و لناخذ مواقعنا في ميدان المعركة !
ان الحرب هي السيد الشرعي لعصرنا.
ص51
وحده المحارب ،
هو الانسان الكامل و الشريف في عصرنا ،
لانه هو وحده المؤمن بالنَفَس الاعظم لزماننا في حالات دماره و كراهيته و رغبته ،
ممتثلا للمشيئة المعاصرة لالهنا.
ص51
ان تطابقنا هذا مع الكون هو الذي ينجب
 الفضيلتين العيمتين:المسؤلية و التضحية.
ص52
الحياة ليست هدفا لذاتها و انما هي الاخري اداة مثلها مثل الموت،
و الجمال ،و الفضيلة.
ص52
نحن كلنا كينونة واحدة .جوهر واحد مهدد.
لو ان روحا في اقاصي العالم الذي ينحدر هابطا سقطت ،
فانها تحطم اثناء سقوطها روحنا ايضا .
لو ان عقلا في اقاصي العالم يغرق في البلاهة 
فانه يملا اصداغنا بالظلام.
لو ان شخصا واحدا فقط،
يناضل في اقاصي الارض و السماء .
لو ان واحدا فقط كهذا ضاع ،
فان مسؤلية ضياعه تقع علينا .
لو ضاع فنحن ايضا سنضيع.
ص52
ان تضامننا مع البشر الاخرين ليس ترفا لحنان القلب ،
و انما هو شكل عميق من اشكال الحماية الذاتية ،
و استجابة لضرورة حقيقية ..
.ضرورة تامين سلامة من يحمي ظهرك في الجيش و انت تحارب معه.
ص52
ان اخلاقنا تتصاعد الي افاق اكثر سموا .
فنحن كلنا جيش يحارب ،
لكننا لا نعلم علم اليقين ما اذا كنا سننتصر ام سنهزم؟
ص52
هل يوجد خلاص؟ 
هل يوجد هدف لنعمل من اجله لكي نجد خلاصا لانفسنا؟ 
ام انه لا يوجد خلاص،
اذ لا يوجد هدف ،
و كل شيء بلا جدوي ،
 و كل عطائنا الجماعي لا قيمة له؟
ص52
ربما يرجح احتمال النصر كل فعل شجاع نقوم به.
ص52
مهما كانت الحقيقة فاننا نحارب بلا يقين ،
و فضيلتنا الا نكون واثقين من مردود يحظي باحترام عميق.
ص53
لكل طريقه الخاص الذي يقوده للخلاص ،
البعض من خلال الفضيلة،
و البعض من خلال الشر.
ص53
لو ان طريقك الذي يقودك للخلاص يمر عبر المرض و النفاق و العار ،
فان من واجبك ان تغوص في اعماق المرض و النفاق و العار ،
حتي تنتصر عليها ،
و دون ذلك لن يكون لك خلاص.
ص53
انا لا نحارب شهواتنا المظلمة بفضيلة 
رزينة و شاحبة و محايدة تسمو عليها ،
و انما بشهوات اخري اقوي منها و اشد باسا.
ص53
نترك بابنا مفتوحا للخطيئة ،
لا نغلق اذاننا كي لا نسمع الحوريات ،
و لا نقيد انفسنا من الخوف الي سارية فكرة عظيمة ،
كما اننا لا نهجر السفينة ،
و نختفي لنسترق السمع للحوريات و نقبلهن ،
و انما نتابع مسيرتنا ،
و نختطف الحوريات و ناخذهن الي السفينة لكي يسافرن معنا.
ص53
احبب الانسان لانه هو انت نفسك.
ص54
احبب جسدك ،
فبجسدك وحده تستطيع ان تكافح علي هذه الارض ،
و ان تحول المادة الي روح.
ص54
عليك ان تموت كل يوم،
و ان تولد كل يوم،
و ان ترفض ما عندك كل يوم.
ص54
الفضيلة الكبري ليست في ان تكون حرا ،
و انما في ان تناضل من اجل الحرية.
ص54
لا تتواضع و تتساءل 
"هل سننتصر ؟هل نهزم؟" بل حارب.
وفي كل لحظة من حياتك اجعل من مغامرة العالم مغامرتك.
ص54
جيش الحياة و جيش الموت ،
ابدا يتصادمان و الاثار المرئية لهذا الصدام
 هي الاشياء و النباتات و الحيوانات و البشر.
ص54
اننا نتعجل ،بمساعدة عقلنا ،
في ارغام المادة علي السير معنا ،
و نغير اتجاه القوي المتجهة الي اسفل ،
و اتجاه التيار ،
و نحول العبودية الي حرية.
ص55
ان الحجر ينجو حين نرفعه من الطين
 و نضعه في بناء منزل او حين ننقش عليه ملامح الروح.
ص55
لكل انسان محيطه الخاص الذي يضم ما يخصه من اشياء و اشجار ،
من حيوانات و بشر و افكار ،
و هو يتحمل واجب انقاذ هذا المحيط ،
عليه وحده دون غيره تقع المسؤلية 
و اذا لم يتم انقاذ المحيط ،فلا خلاص لصاحبه.
ص56
شهوات العالم مجتمعة تتفجر داخل كل كائن حي.
ص57
يا للفرح...يا للفرح ...
لم اكن ادرك كيف ان هذا العالم متوحد معي الي هذه الدرجة ،
و كيف اننا جميعا جيش واحد ،
و ان شقائق النعمان و النجوم تحارب عن يميني و عن يساري و لا تتعرف علي،
لكنني التفت نحوها و احييها.
ص57
الكون دافيء و حبيب الي النفس
 و اليف يبعث روائح كروائح جسدي ،
انه عشق و حرب في ان ،
انه قلق متاجج .
اصرار و حيرة .رعب و حيرة.
ص57
من اين ناتي ؟و الي اين نذهب؟
ما معني هذه الحياة؟
هكذا تصرخ القلوب و تتساءل الرؤوس
 و هي تقرع علي فوهة الهاوية.
ص58
كل من يرتفع فوق مستوي هامته ،
يستطيع ان ينعتق من عقله الصغير المليء بالتساؤلات 
و ان يقف شامخا بلا وجل وسط السكون العميق ،
متالما و لاهيا،
صاعدا بلا توقف من قمة الي قمة،
مدركا ان الارتفاع لا نهاية له.
ص59
...........................