امس زرت البحر علي شاطيء بلطيم و كانت هذه اول زياراتي له ليلا فرايت الظلام العميق الذي لا تحده حدود.رايت ظلام السماء و ظلام البحر يمتدان حتي الافق .حينها تذكرت كلمات غاليات لمصطفي صادق الرافعي من كتابه الرائع وحي القلم الجزء الاول و تحت عنوان ايها البحر كتب الاتي"ايها البحر،قد ملتك قوة الله لتثبت فراغ الارض لاهل الارض .
ليس فيك ممالك و لا حدود ،و ليس عليك سلطان لهذا الانسان المغرور.
و تجيش بالناس و بالسفن العظيمه ،كانك تحمل من هؤلاء الناس و هؤلاء قشا ترمي به.
و الاختراع الانساني مهما عظم لا يغني الانسان فيك عن ايمانه.
و انت تملا ثلاثة ارباع الارض بالعظمة و الهول ،ردا علي عظمة الانسان و هوله في الربع الباقي ؛ما اعظم الانسان و اصغره!
ينزل الناس في مائك فيتساوون حتي لا يختلف ظاهر عن ظاهر.
و يركبون ظهرك في السفن فيحن بعضهم الي بعض حتي لا يختلف باطن عن باطن.
تشعرهم جميعا انهم خرجوا من الكرة الارضيه و من احكامها الباطله.
و تفقرهم الي الحب والصداقه فقرا يريهم النجوم نفسها كانها اصدقاء ،اذ عرفوها في الارض.
يا سحر الخوف انت انت في اللجة كما انت انت في جهنم.
و اذا ركبك الملحد ايها البحر ،فرجفت من تحته ،و هدرت عليه و ثرت به ،و اريته راي العين كانه بين سماءين ستنطبق احداهما علي الاخري فتقفلان عليه ،تركته يتطاطا و يتواضع ، كانك تهزه و تهز افكاره معا ،و تدحرجه و تدحرجها .
و اطرت كل ما في عقله فيلجا الي الله بعقل طفل.
و كشفت له الحقيقة :ان نسيان الله ليس عمل العقل ،و لكنه عمل الغفله و الامن و طول السلامه.
الا ما اشبه الانسان في الحياة بالسفينة في امواج هذا البحر !
ان ارتفعت السفينة ،او انخفضت ،او مادت ،فليس ذلك منها وحدها ،بل مما حولها .
و لن تستطيع هذه السفينة ان تملك من قانون ما حولها شيئا ،و لكن قانونها هي الثبات ،و التوازن ،و الاهتداء الي قصدها ،و نجاتها في قانونها
فلا يعتبن الانسان علي الدنيا و احكامها ،و لكن فليجتهد ان يحكم نفسه.
..................................
تابعواما ندونه علي مدونتنا فلسفة حياة و فنون جميله
اخر لوحه شرحناها علي فنون جميله هي لوحة حاملة الماء المصريه للفنان جان ليون جيرومي
رسمها عام 1882
لوحة البوست للفنان الالماني اندرياس اشينباخ
........................................