خطرات نفس
منصور فهمي
..................
في هذا الكتاب يتعرض
الكاتب لاهم عيوب الشخصية المصرية و عيوب المجتمع المصري من خلال نظرة تاملية
تحليلية لواقع هذا المجتمع . و رغم ان مقالات هذا الكتاب مكتوبة في العشرينيات ؛
الا ان ما يتعرض له الكاتب من مشكلات هو نفسه ما نعاني منه الان ، فمجتمعنا جمد و
لم يتطور منذ عشرات السنين . كان الكاتب يتعرض لبداية العام الجديد مرات لان بداية
العام كانت مما يوحي اليه بكلام مختلف في كل مرة .
يقول المؤلف في اول
كتابه :
" كنت اؤمن
بطهارة الحياة ايمانا ، و كنت احسن الظن بالناس ايما احسان ، لاني لم اخرج الي
ساحة العيش الا من عهد ، كما علمت ، قريب . و كنت عند عهدي بالشباب تلميذا مجدا
كثيرا ما لابست الكتب و انقطعت للدرس و قليلا ما لابست الناس و نظرت في شؤن الحياة
. و لقد جعل القضاء لطائفة من الكتاب الخياليين عليّ سلطانا فكنت اصبو صغيرا للصور
الجميلة و الخلال الكريمة و الاشباح الشريفة التي كانت تخرجها اذهانهم قبل ان اتصل
بحقائق الحياة المرة المؤلمة .
خرجت من عالم الكتب
الي عالم الناس و كنت اتوهم ان الناس يلقونني لاعمل معهم و اكتب تحت اعينهم صحيفة
من سفر الحياة الواسع فاملاها برسوم الحق و الواجب ، و اثار العمل و الامل ، و
اصور فيها صورة الاب الصالح ، و الزوج الوفي ، و الوطني الصادق ، و الانسان العادل
في نفسه و في الناس .و كنت اظن ان كلمات الحرية و الاخلاص و الفضيلة الرحمة و
الكمال و امثالها مما وسعه المعجم تسعها معاملات الناس بعضهم لبعض علي انني صدمت
صدمة بالغة حين رايت ان الناس يسيرون علي خلاف ما كنت اظن . و ان الحياة تكاد تكون
جارية لمقادير غير ما كنت اقدر . و ان السجايا التي كنت اظنها من صفات البشر انما
هي لمخلوقات خيالية تبصرنا و لا نبصرها و ترانا و لا نراها . هالني و افزعني ان
اري في الحياة مسرحا واسعا للنفاق و الرياء و الخداع و الاباطيل و ان هذه الاشباح
الشنيعة قد صرعت تلك المخلوقات الشريفة التي نسميها الفضائل و استبدت وحدها بميدان
الحياة كله . تساءلت اكانت الكتب تخدعني و تغير صور الاشياء فتجعل ضعفاء الحقيقة
هم الاقوياء و اقوياءها هم الضعفاء ؟؟ام هو الوجود لم يبلغ في تاريخ نشوءه طورا
تنال فيه الفضائل منازلها من الكرامة و الاجلال
و تسير في المعاملات كانها الكواكب تجري في داراتها علي سبيل ممهدة فتصبح
حينذاك القوة و الغلبة ميزة للسجايا وحدها .............
ان منشأ همي يا سيدي
هو ذلك التنازع القائم بين ما تحن اليه نفسي و نزعاتها و بين المباديء التي يقوم
عليها المحيط الذي يضمني .
أأعيش منفردا واحدا
في عالم الخيال ، ام ادخل الي ساحة البشر و اخلع ثوبي الجميل الكريم ؟
.........................................
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق