الثلاثاء، نوفمبر ١٠، ٢٠١٥

خطرات نفس



خطرات نفس
منصور فهمي
..................
في هذا الكتاب يتعرض الكاتب لاهم عيوب الشخصية المصرية و عيوب المجتمع المصري من خلال نظرة تاملية تحليلية لواقع هذا المجتمع . و رغم ان مقالات هذا الكتاب مكتوبة في العشرينيات ؛ الا ان ما يتعرض له الكاتب من مشكلات هو نفسه ما نعاني منه الان ، فمجتمعنا جمد و لم يتطور منذ عشرات السنين . كان الكاتب يتعرض لبداية العام الجديد مرات لان بداية العام كانت مما يوحي اليه بكلام مختلف في كل مرة .
يقول المؤلف في اول كتابه :
" كنت اؤمن بطهارة الحياة ايمانا ، و كنت احسن الظن بالناس ايما احسان ، لاني لم اخرج الي ساحة العيش الا من عهد ، كما علمت ، قريب . و كنت عند عهدي بالشباب تلميذا مجدا كثيرا ما لابست الكتب و انقطعت للدرس و قليلا ما لابست الناس و نظرت في شؤن الحياة . و لقد جعل القضاء لطائفة من الكتاب الخياليين عليّ سلطانا فكنت اصبو صغيرا للصور الجميلة و الخلال الكريمة و الاشباح الشريفة التي كانت تخرجها اذهانهم قبل ان اتصل بحقائق الحياة المرة المؤلمة .
خرجت من عالم الكتب الي عالم الناس و كنت اتوهم ان الناس يلقونني لاعمل معهم و اكتب تحت اعينهم صحيفة من سفر الحياة الواسع فاملاها برسوم الحق و الواجب ، و اثار العمل و الامل ، و اصور فيها صورة الاب الصالح ، و الزوج الوفي ، و الوطني الصادق ، و الانسان العادل في نفسه و في الناس .و كنت اظن ان كلمات الحرية و الاخلاص و الفضيلة الرحمة و الكمال و امثالها مما وسعه المعجم تسعها معاملات الناس بعضهم لبعض علي انني صدمت صدمة بالغة حين رايت ان الناس يسيرون علي خلاف ما كنت اظن . و ان الحياة تكاد تكون جارية لمقادير غير ما كنت اقدر . و ان السجايا التي كنت اظنها من صفات البشر انما هي لمخلوقات خيالية تبصرنا و لا نبصرها و ترانا و لا نراها . هالني و افزعني ان اري في الحياة مسرحا واسعا للنفاق و الرياء و الخداع و الاباطيل و ان هذه الاشباح الشنيعة قد صرعت تلك المخلوقات الشريفة التي نسميها الفضائل و استبدت وحدها بميدان الحياة كله . تساءلت اكانت الكتب تخدعني و تغير صور الاشياء فتجعل ضعفاء الحقيقة هم الاقوياء و اقوياءها هم الضعفاء ؟؟ام هو الوجود لم يبلغ في تاريخ نشوءه طورا تنال فيه الفضائل منازلها من الكرامة و الاجلال  و تسير في المعاملات كانها الكواكب تجري في داراتها علي سبيل ممهدة فتصبح حينذاك القوة و الغلبة ميزة للسجايا وحدها .............
ان منشأ همي يا سيدي هو ذلك التنازع القائم بين ما تحن اليه نفسي و نزعاتها و بين المباديء التي يقوم عليها المحيط الذي يضمني .
أأعيش منفردا واحدا في عالم الخيال ، ام ادخل الي ساحة البشر و اخلع ثوبي الجميل الكريم ؟
.........................................

ليست هناك تعليقات: