الخميس، نوفمبر ٢٥، ٢٠١٠

رحلة حج _ج17

في اليوم التالي _الحادي عشر من ذي الحجة_ كان كسابقة صلينا الفجر في العراء جماعات غفيرة جدا جماعات جماعات و انتظرنا حتي الظهر ثم عدنا الي الجمرات رمينا واحد و عشرين جمرة_في اليوم السابق رمينا سبعة فقط_الصغري و الوسطي و الكبري و كان امرها ميسورا جدا جدا و عدنا ثانية الي مني بقينا فيها الي الليل.

في الليل بلغ بي المرض اشد درجاته ،كنت يومها نائما علي فرش بسيط علي الارض و كان النوم مقلقا كالعادة و بسبب المرض فقد استطعت ان انام مبكرا و انام طويلا و من عاداتي في النوم انني اذا نمت علي ظهري لا اغير هذا الوضع حتي الاستيقاظ مهما كان عدد ساعات النوم . نمت و لم ادري الا و انا احاول تغيير وضعي الي النوم علي الجنب فقد تالم ظهري بشدة و لغياب عقلي لم اشعر به الا في اخر مراحل الالم و اقساها لقد حاولت تغيير وضعي فكنت اتحرك و يعود بي الالم الي وضعي الاول فاجرب مرة و مرة و مرة كسيارة علقت اطاراتها في وحل تحاول تخليص نفسها منه لكن لا تستطيع ،حتي شعرت بانني احلم بانني انام علي سريري في البيت و ان ابني يجلس علي صدري و يداعبني كما تعوَّد ،و انتقلت مشاعر السعادة الي نفسي بوجودي في البيت مع ابني و كانت زوجتي بجانبي تقول استيقظ من نومك و كثر عدد افراد اسرتي في الغرفة ابي و امي و اخوتي و جميع ابناء اخوتي كلهم يقولون استيقظ لقد نمت طويلا !!!فبدات افتح عيني و افيق فشعرت بالام الشديد فقمت من فوري .

يبدو ان العقل الباطن يصنع لنا الاحلام المفيدة اذا عجز جهازنا العصبي عن تنبيه البدن لمخاطر تحيق به او الام تؤذيه .

،و في اليوم الاخير عدنا و فعلنا المثل ،رمينا واحد و عشرين جمرة انطلقنا بعدها الي المسجد الحرام طفنا طواف الوداع ،و بقينا بالمسجد الحرام حتي العشاء ثم خرجنا وودعنا المكان كله ،و رغم المرض تمنيت ان ابقي .

خرجت الي الساحة خارج المسجد الحرام انا و زميلي نبحث عن الباقين ،كان هو يعرف الميعا و المكان الذي اتفق مع اخرين ان نلتقي فيه_انفصلت اعنهم قبل ان نتفق علي لقاء اخر يوم قبل العودة_خرجنا و حاول زميلي الاتصال بجوال استعاره من احد المصريين هناك ثم استعار اخر حتي استطاع بالفعل الاتصال بمشرف الرحلة و ارشدنا للمكان الذي سننتظر فيه قرب المسجد الحرم و بالفعل انتظرنا و بعد قليل بدا الزملاء ياتون جماعات فاول من اتي كان احمد سمير و حمدي صابر و احمد كمال _زملائي في اول الرحلة_ثم اتي علاء جلال _مدرس معنا بالمدرسة_ذهبنا جميعا اكلنا و اجتمعنا باخرين بعد ذلك و اتجهنا الي السكن الذي ضللت طريقي اليه في اول الرحلة ،فذهبت واخذت حقيبتي التي كانت هناك و غيرت ملابسي و حاولت ان انام قليلا حتي تاتي الحافلة و اتت و خرجنا جميعا كي نعود كما اتينا .

قرر مشرف الرحلة ان يسافر نصف الفريق الي المدينة و يعود النصف الاخر الي الدمام و لما كنت مريضا فقد قررت ان اعود الي الدمام و لا ادخل في النقاش حول السفر الي المدينة رغم شدة شوقي اليها في اول الرحلة .في النهاية اتجهت حافلة الي المدينه بينما ركبت انا في التي عادت الي الدمام.

في الطريق كان الظلام شديدا و كان مرضي يشتد بسبب طول السفر بالحافلة فاوشكت ان اقيء و افقد الوعي فانخرطت في الدعاء لله بشدة ان يخفف عني و يلطف بي في هذه الرحلة حتي وصلنا الي الدمام يوم الرابع عشر من ذي الحجة ،وفي السكن وجدنا بعض زملائنا الذين لم يحجوا _حجوا في اعوام سابقة_و بعض من عاد من الحج و كان في افواج اخري و تبادلنا التهاني و الدعوات بالمغفرة و القبول عند الله.

غيرت ملابسي التي اصابتها قذارة العرق المشقة و ترابها و استحممت و بعد ان تمددت في سريري بفرح غامر كانت اول امنية تمنيتها في البرد تحت غطائي ان اعود و احج مرة اخري.

الأربعاء، نوفمبر ٢٤، ٢٠١٠

رحلة حج _ج16

انصرفنا عائدين الي مني و لطول الطريق و جفاف حلقي الشديد منذ ايام كنت اتوقف بعد مرور الدقائق القليلة كي استريح و كي اشرب الماء و تكرر ذلك بصورة شعرت فيها بان زميلي قد بدا يفقد صبره و يتضايق لتاخرنا فتحاملت علي نفسي اكثر وواصلنا الرحلة و كانت هناك حمامات كثيرة جدا في الطريق يمر عليها الحجاج يبدلون فيها ملابسهم بعد التحلل من الاحرام و كان علينا ان نجد من يحلق لنا في الطريق فحلق لنا رجل هندي اتيناه بادوات الحلاقة من احد المحلات و حلق لنا بخمسة ريالات لكل واحد و انصرفنا الي احد محلات الملابس اشترينا ما نحتاجه ثم انصرفنا الي الحمامات نغتسل و نغير ملابس الاحرام الي ملابس عادية لقد انتهينا تقريبا من المناسك بقي القليل.و اكملنا المشي حتي وصلنا الي مني و بحثنا عن مكان نستقر فيه.


ظللنا علي هذا الحال حتي الليل و كانت قواي قد خارت تماما حتي صارت حالتي المزاجية سيئة جدا حتي اصبحت لا اجد رغبة في صلاة او ذكر او قراءة قران ،لقد ضاع مصحفي في الحقيبة ،كان يوم عيد و كنت اتمني ان تكون ظروفي فيه افضل حتي اعبد ربي بشوق لكن المرض جعل ذهني مصروفا لطلب الراحة .


في اليل اشتد البرد و كنا نغير اماكن النوم باستمرار فلا نستقر في مكان الا و نجد انه غير مناسب لكثرة الجماهير و شدة الازعاج فلا ياتي يوم ننام فيه الا نوم متقطع دقائق بدقائق و نادرا ما نواصل الساعة الي التي بعدها و كان ذلك اضافة الي مشقات الحج و التي تمنيت بسببها جميعا ان تنتهي المناسك باسرع وقت لقد بدات افقد صبري.

الثلاثاء، نوفمبر ٢٣، ٢٠١٠

رحلة حج _ج15

انصرفنا عائدين الي مني و لطول الطريق و جفاف حلقي الشديد منذ ايام كنت اتوقف بعد مرور الدقائق القليلة كي استريح و كي اشرب الماء و تكرر ذلك بصورة شعرت فيها بان زميلي قد بدا يفقد صبره و يتضايق لتاخرنا فتحاملت علي نفسي اكثر وواصلنا الرحلة و كانت هناك حمامات كثيرة جدا في الطريق يمر عليها الحجاج يبدلون فيها ملابسهم بعد التحلل من الاحرام و كان علينا ان نجد من يحلق لنا في الطريق فحلق لنا رجل هندي اتيناه بادوات الحلاقة من احد المحلات و حلق لنا بخمسة ريالات لكل واحد و انصرفنا الي احد محلات الملابس اشترينا ما نحتاجه ثم انصرفنا الي الحمامات نغتسل و نغير ملابس الاحرام الي ملابس عادية لقد انتهينا تقريبا من المناسك بقي القليل.و اكملنا المشي حتي وصلنا الي مني و بحثنا عن مكان نستقر فيه.

ظللنا علي هذا الحال حتي الليل و كانت قواي قد خارت تماما حتي صارت حالتي المزاجية سيئة جدا حتي اصبحت لا اجد رغبة في صلاة او ذكر او قراءة قران ،لقد ضاع مصحفي في الحقيبة ،كان يوم عيد و كنت اتمني ان تكون ظروفي فيه افضل حتي اعبد ربي بشوق لكن المرض جعل ذهني مصروفا لطلب الراحة .

في اليل اشتد البرد و كنا نغير اماكن النوم باستمرار فلا نستقر في مكان الا و نجد انه غير مناسب لكثرة الجماهير و شدة الازعاج فلا ياتي يوم ننام فيه الا نوم متقطع دقائق بدقائق و نادرا ما نواصل الساعة الي التي بعدها و كان ذلك اضافة الي مشقات الحج و التي تمنيت بسببها جميعا ان تنتهي المناسك باسرع وقت لقد بدات افقد صبري.

الاثنين، نوفمبر ٢٢، ٢٠١٠

رحلة حج _ج14

صلينا الفجر في مزدلفة و كبرنا تكبيرات العيد و انتظرنا ضوء النهار ثم تحركنا الي مني و استرحنا بها قليلا و صلينا الظهر ثم رمينا الجمرة الكبري او جمرة العقبة و رمي الجمرات من الامور العظيمة التي تم التيسير فيها ،فقد كانت من اشد الاماكن زحاما كل عام و كانت اخبار الموتي نتيجة التدافع تاتي كل عام باكثر من مائتين احيانا ،و نادرا ما يمر عام دون ان يموت الكثير من الناس عند الرجم الا ان الرجم الان صار من ايسر الامور هنا فمكان الرجم اصبح متعدد الطوابق تصع

د الي طوابقه العليا السلالم الكهربائيه و هناك طرق تبدا و تنتهي الي طوابق معينه بحيث لا يكون للحاج خيار في الطابق الذي سيرجم منه بل يتم تحديد ذلك عن طريق ادارة الطرق و منطقة الرجم حتي توزع عددا شبه متساوٍ علي كل طابق فلا يحدث تدافع كما ان مكان الدخول غير مكان الخروج . كان من المفروض ان ننحر الهدي لكن طبقا للنظام الجديد دفعنا بونات بقيمة 350 ريال للفرد و تقوم الجهات الرسمية بالنحر نيابة عن الحجاج.و بعد رمي الجمرات اتجهنا الي بيت الله الحرام كي نطوف طواف الافاضة.

مشينا في ذات الطريق الذي اتينا منه اول مرة لكن بالعكس _اي الي الكعبة لا منها _حتي وصلنا للطواف و كان المكان كما عهدناه مزدحما بشدة ،قمنا بالطواف و كانت اقدامي تؤلمني بشدة ،كانت الارض باردة جدا و كنت اشعر انني اخطو بعظام القدمين علي الرخام بلا حائل بينهما من لحم او جلد و كانت مفاصلي كان الصدا اصابها فلا اكاد امشي الا متالما لكن لا مفر انه الحج و ان لم اصبر الان فمتي اصبر؟و ان لم اسعي و اجاهد الان فمتي افعل؟هي فرصة قد لا تاتي ابدا بعد اليوم فصبرت نفسي علي احتمال المشقة حتي انتهيت .

كان هذا اليوم هو يوم العيد و كان يوافق يوم جمعة ثم خرجنا للسعي و لقيت فيه مشقة اكبر من اي مشقة سبقتها حتي ظننت ان اقدامي قد جرحها رخام الارض .

انتظرنا بالمسجد الحرام كي نصلي الجمعة ،و بعد الصلاة بحثت عن حقيبة يدي الصغيرة ،و كنت قد وضعتها مع حقائب كثير من الناس فلما انتهت صلاة الجمعه رجعت و لم اجدها ،و كان فيها جوالي_ و كنت احتفظ فيه بالكثير من الصور و ملفات الفيديو عن تفاصيل هذه الرحلة يوم بيوم نو كان فيها صور ن مصر لافراد اسرتي و اخر ثانية كنت فيها في مصر التقطت صورة رائعة لابني و كنت بها سعيد جدا_ و ضاع ايضا نعلين جديدن اشتريتهما ،و اشياء كانت تخص زميلي في الرحلة وضعها معي ،كل شيء ضاع ،حتي زميلي انفصلت عنه هو ايضا في زحام المسعي ،و كانت الام راسي و حرارتها تزداد و احسست انه ربما لا استطيع الصبر وحدي فقد كان زميلي معي يعينني علي تيسير المشقة.

بقيت مدة لا اعرف ماذا افعل غير ان ابقي قليلا في الحرم حتي اذا يئست تماما بعد مجهود كبير في البحث قررت ان اذهب و احلق شعري بالموسي _كنت قد قصرته مره عند التحلل من العمرة _ تحللا من الاحرام للحج،و كانت خارج الحرم دكاكين كثيرة للحلاقة تسمي الموجودة منها ناحية المروة بحلاقة المروة و ما يوجد منها ناحية باب الصفا تسمي كذلك باسمها ،و كنت قد قصرت شعري في المرة الاولي بعشر ريالات لكن هذه المرة كان الزحام علي شكل طوابير امام كل محل و لكن السعر هذه المرة للحلاقة ثلاثون ريالا بدلا من عشرة ،فتضايقت جدا من هذا الاستغلال فانصرفت ووجدت زميلي في احد هذه الطوابير و قد عرف بضياع الحقيبة بما فيها فواساني و اخبرته انني اعتبرتها بما فيها من اشيائي جزء من مصروفات الحج و انه لا خسارة هناك ،و الحمد لله علي كل حال.في الحقيقة لقد كنت حزينا جدا علي الجوال و كان حزني يتركز بصورة كبيرة علي الصورة الاخيرة لابني عمر ،و رغم مرور عام كامل علي هذا الحدث فلازلت في اشتياق لهذه الصورة.

الأحد، نوفمبر ٢١، ٢٠١٠

رحلة حج_ج13

طريقنا الذي اتينا منه عدنا فيه لكننا نزلنا في مزدلفة لا في مني و مزدلفة اقرب الي عرفات من مني .في الطريق الي مزدلفة كان الكثير من الناس ينتحون جانبا من الطريق و يجلسون للراحة لان اليوم كان مرهقا جدا و كان ذلك يحدث طول الطريق لم نمشي خطوات الا و هناك مرهقون جلسوا علي جانبي الطريق يستريحون ثم يواصلون ،و في الطريق قابلت بعض اقاربي من اهل قريتي في مصر و اخرين ليسوا من الاقارب و كان اللقاء حميمي جدا . لم يستمر طويلا لان كل فريق له ارتباطات مع اخرين يجب ان يلتزم بهذه الاراتباطات حتي لا يفقد فريقه .

وصلنا الي مزدلفة و استقرينا في مكان واسع فيه مخيمات قليلة صلينا المغرب و العشاء جمعا و قصرا ،و نصب الكثير من الناس مخيماتهم الخاصة و البعض منهم استعمل منامات _اكياس نوم تسع لفرد واحد_و كانت سيارات الشحن الضخمة لا زالت توزع اطعمة مجانية .

سقطنا_انا و زميلي _علي الارض التي اخترنا الاستقرار فيها _كما سقط اغلب الناس_ من التعب و مددنا اقدامنا نلتمس لها الراحة و كانت نزلة البرد قد فعلت فعلها في عظامي و مفاصلي و راسي ،لقد شعرت بالتعب شعورا مضاعفا و كان زميلي يقول :الاجر علي قدر المشقة ،و بعد قليل تمددنا علي الارض و ساد المكان سكون نسبي لا يكون في هذا العدد الهائل من الناس ،و كلما مر بعض الوقت اتي فوج اخر يقتحم المكان اتيا من عرفات و ظلت افواج العائدين من عرفات تتوالي الي اخر الليل و كنا نشعر بهمهماتهم و نحن في حالة من الخدر اللذيذ قبل ان نغط في نوم عميق.

كان مشهد الحشود في نومهم الجماعي اشبه بجيش من جيوش العصور القديمة انهي للتو معركة حامية الوطيس خرج فيها منتصرا بعد جهد عظيم و لم ينج من الجروح و الطعنات التي اجبرته علي التماس الراحة باي ثمن .سكون تام اصاب الحشد كله و كل حين يقف بعض الناس لضبط المكان او للذهاب لدورات المياة المنتشرة في كل مكان او لعمل اي شيء اخر ،و كان هناك المزيد من الناس ياتون من عرفات لكن كلما مر الوقت يقل العدد حتي انتهي الامر الي السكون النهائي ثم تيقظ الناس علي اذان الفجرليوم العاشر من ذي الحجة ...يوم العيد .

السبت، نوفمبر ٢٠، ٢٠١٠

رحلة حج _ج12

بدا الامام خطبته بقوله:"ايها المسلمون....."ثم تحدث عن نشاة الاسلام و كيف ان قلة مستضعفة اوصلت لنا تلك الرسالة مبراة من التحريف و كيف حافظوا عليها و كيف جاهد النبي و اصحابه حتي ضمنوا لنا سلامة العقيدة و كيف نعيش الان في فضلهم و بدا يحدثنا عن واجبنا نحوهم ثم انتقل الي مصائب العالم الاسلامي و كيف وصلنا لهذا الحال و ما واجبنا كي نخرج مما نحن فيه و سرد عدد من الوصايا للمسلمين كي يعيشوا محتفظين بايمانهم و عقيدتهم في عصرهم الحديث.

انتهت الخطبة و صلينا الظهر و العصر جمعا و قصرا و بدا الكثير من الناس ينصرفون من المسجد و انتظرت مع رفيقي حتي استرحنا قليلا ثم خرجنا لنتعرف علي المنطقة بصورة اكمل و نحاول الوصول الي جبل الرحمة .كان هناك اعداد هائلة من البشر تمارس اعمالا مختلفة،فهناك بائعون يشتري منهم الحجاج الاطعمة ،و هناك اعداد من الحجاج افترشت اماكن معزولة يستريحون و يذكرون الله و هناك من يعطي دروس دينية ، هناك شاحنات ضخمة توزع اطعمة و عصائر معلبة،شاهدنا الكثير ثم تحركنا ناحية جبل الرحمة و تمنينا قضاء يوم ما بقي من يوم عرفة هناك لكن ليس كا ما نتمناه ندركه ..فقد كان جبل الرحمة محاطا باعداد لم نر مثلها من البشر جعلت من المستحيل للمزيد ان يقتربوا منه ،توغلنا قليلا في الزحام لنختبر الامر الا ان الزحام كان اشد قوة فانضغطنا و سارعنا بالخروج ،و خرج زميلي و قد خسر نعله و كان بالاساس نعلي ابدلته بنعله لان قدمي قد جرحها النعل الجديد في طريق عرفه .

اصر زميلي ان يشتري لي بدلا منه فاقسمت ع ليه انه لن يفعل حتي اصر ان يسمع كلمة المسامحة عن رضي،لان اليوم لا يحتمل اي خطا .

تحركنا الي مكان بعيد عن حركة الاقدام بجوار حائط و جلسنا و في جوارنا مجموعة _ربما من الهنود _ كان الذكر و الدعاء و قراءة القران هي شاغلنا الدائم و قبل المغرب بقليل بداالناس يحتشدون علي الطرقات المؤدية الي مخارج عرفة و هي ذات الطرقات التي اتينا منها و قبل مغادرة عرفات بقليل اشتدت الحاجة الي الدعاء و نظرت الي وجه صديقي فرايته يبكي و اشار الي لافتة ضخمة قريبة و قال :هنا ..من سيخرج بعد هذه اللافته و لم يغفر له فقد خسر .كانت اللافته تشير الي نهاية عرفات _نفس اللافته مكتوب عليها بداية عرفات لكن من الجهة الاخري _ثم تلقينا لاشارة بالخروج من عرفات فانصرفنا الي الطريق الرئيسية و صوت الذكر و الدعاء يرتفع .ايام لا يوجد للشيطان لا لاصحابه و اتباعه فيها نصيب من هؤلاء الناس

..كنا كاننا في الجنه من طهرنا و بعدنا عن المعاصي ،كانت اوقاتنا كلها لله ، كنا لله و بالله كنا ملك لله ملكية نشعر بها حقيقة ،و نشعر بالسعادة و الراحة و الامان لاننا مملوكين لله .

الجمعة، نوفمبر ١٩، ٢٠١٠

رحلة حج _ج11


صحونا مع الفجر و انتقلنا الي عرفات مع شروق الشمس كانت هناك افواج تخرج منظمة حسب الجنسيات تبين لي ذلك من خلال اعلام صغيرة معلقة بملابس السيدات او عقود معلقة برقاب الرجال تحوي صور اعلام اوطانهم و كان الخروج قد بدا بعد صلاة الفجر مباشرة و باعداد غفيرة .كان امرا غريبا جدا ان هذه الاعداد لا تكاد تعرف من اين تخرج !!المكان يبدو اصغر من ان يحوي كل هذه الاعداد ، كان الامر اشبه بنبع يخرج من الحجاج.


مشينا في طريق طويل كانت دورات المياة متوافرة باعداد كافية علي الجانبين و كانت هناك شاحنات ضخمة يوزع عمالها زجاجات المياه المعدنية و احيانا علب العصير تبرعت به مؤسسات خيرية ،فاخذت و صاحبي كرتونة مياه كاملة ووزعناها علي المشاة في الطريق و فعلنا ذلك اكثر من مرة حتي وصلنا لمسجد نمرة .


مسجد نمرة هو احد المساجد التي لها في نفسي مكانة كبيرة جدا ،ففي كل عام منذ ان وعيت و انا استمع الي ذلك الرجل الضرير يلقي خطبة عرفات كل عام و لا يزال الرجل يفعل بلا انقطاع .لقد شغل ذلك الرجل فكري لوقت طويل حتي انه صار مرتبطا عندي بالحج، كل موسم حج لابد ان استمع اليه ،و كان بعض من اعرفهم يتعجبون من حرصي علي سماعه كل عام .لقد احببت مشاهد الحج خاصة مشهد العودة من عرفات و احببت سماع تلك الخطبة كل عام و اصبح يوم عرفات عندي _علي خلاف اقراني _ اجمل من يوم العيد و كنت انتظره اكثر من يوم العيد و صرت انتظره بعد ان كبرت عند قدوم شهر رمضان و احسب ليوم عرفة كي اراهم و الناس يحسبون لنهاية رمضان كي يفطرون .اليوم انا في عرفة و في مسجد نمرة و ساسمع تلك الخطبة التي ظللت انتظرها سنة وراء سنة، لكن.. هل ساري الرجل_امام و خطيب المسجد و مفتي المملكة_علي منبره ؟؟ حاولت كي اراه ان اجلس في مكان متقدم بالمسجد لكن للاسف لم اوفق و كان راي صديقي اننا يجب ان نكون موجودون خلف سياج خشبي داخل المسجد هو فاصل بين الجزء الواقع من المسجد داخل عرفة و الجزء الذي يقع منه خارج عرفه و اننا يجب ان نكون في الجزء الموجود داخل عرفة الي الزوال لانها سنه ففعلنا ذلك و لم نري الامام لاننا كنا في مسجد هائل الاتساع و لم يتسني لنا رؤية حتي الحائط الامامي للمسجد لانه كان ابعد من ان نراه من مكاننا مع الزحام الشديد بالمسجد.


بقينا في مكاننا نذكر الله و ندعوه و نقرا القران و نلبي حتي اقترب موعد اذان الظهر فاذداد صوت الناس في التلبية بقوة و كلما مر وقت ادرك الناس ان موعد خروج الامام قد اقترب فازداد ضجيجهم و علا صوتهم بالتلبية اكثر فاكثر فاكثر "لبيك اللهم لبيك،لبيك لا شريك لك لبيك،ان الحمد و النعمة لك و الملك،لا شريك لك" و ظل الصوت يعلو و يعلو معبرا عن اشتياق قديم لامر قد اوشك تمامه، حتي سمع الجميع صوت الامام يقول:"السلام عليكم و رحمة الله..." قالها فكان صوته اذاب كل الاصوات فاخفاها تماما .الكل سكت لان الكل ينتظر و اعتقد ان كل مسلم في المسجد في هذه اللحظة كان ينتظر ما انتظرته و لابد انهم عاشوا سنين يتابعون و يشاهدون و يشتاقون مثلي .لقد اسكتت الدهشة الممزوجة بالفرحة جميع من كان بالمسجد ،و بدا الجميع يستمعون للخطبة في صمت.....

الخميس، نوفمبر ١٨، ٢٠١٠

رحلة حج _ج10


استقر بنا المقام في مني و كان جنود الامن منتشرين علي طول الطريق يقولون لكل من جلس علي جانب الطريق "حَرِكْ يا حاج" لان الكثير جدا من الناس علي طول جانبي الطريق قد جلسوا للاستراحة من شدة التعب و كذلك الحال داخل مخيمات مني و التي اكتشفت انها اكبر مما تخيلته و ضمت من البشر اعدادا هائلة ؛يكفي ان نعلم ان نهر البشر ظل يتدفق من الحرم الي مني لاخر الليل دون توقف و قد استوعبت مني هذا كله ،لم نعثر علي زملائنا ،فلا زلت انا و قدري _زميلي في العمل_ وحدنا و بالاحري نحن لم نحاول البحث عنهم لانه كان من المستحيل ان نجدهم بين هذا التدفق الهائل للبشر فقررنا ان نبحث عن مكان نبيت فيه و كان ذلك في شوارع مخيمات مني ،حتي وجدنا مكان انتقلنا منه بطلب من شرطي ثم انتقلنا الي غيره اكثر من مرة لنفس السبب و انتهت ليلتنا الاولي في مني و كانت ليلة التاسع من ذي الحجة لعام 1430 ؛بتنا و نحن نعلم ان في الغد ينتظرنا يوم عظيم بالتاكيد سيختلف عن غيره من ايام الحج كلها؛ان اجمل شيء في ايام الحج انها تقدم لك مفاجات تختلف عن بعضها كل يوم.

كان اصعب شيء في هذه الليلة ان السماء امطرت مطرا عنيفا لم نستطع الاستتار منه في اي مكان لان العدد ضخم جدا و الامطار كانت كالسيل و ملابس الاحرام لا تقي من مطر او هواء او برد و هذه اول مره احج و لم اجهز نفسي لامر كهذا كما ان امتعتي نسيتها مع زملائي حين انفصلت عنهم لهذا كانت ليلة لم تمر عليَّ ليلة مثلها في حياتي .انتهت بنزلة برد عنيفة جعلت المناسك اشد ارهاقا لكني تحملت المشقة بصبر.

الأربعاء، نوفمبر ١٧، ٢٠١٠

رحلة حج _ج9

مع اول تكبيرات الاذان افقت من نومي نظرت في الساعة فوجدت الوقت لايزال قبل اذان الفجر بحوالي ساعة !!عرفت بعدها ان هذا هو الاذان الاول لتنبيه النائمين ثم يتبعه اذان الصلاة في موعده .قمت و ذهبت الي حمامات المسجد و الميضاة _و هي في الساحة خارج المسجد تحت الارض ينزل لها الفرد بالسلالم ا لكهربائية و هي علي هيئة شوارع كاملة تحت الارض ،عددها بالالاف _توضات و ذهبت لساحة المسجد قرب الكعبة فصليت ركعتين و قضيت وقت انتظار الصلاة في الذكر و الدعاء و كل فترة نعيد ضبط المكان كي يتسع لاخرين .و في مرة نظرت خلفي فدهشت و فرحت جدا لانني قد رايت شخصا اعرفه يقف خلفي بصفين او ثلاثة فناديته : "يا قدري" نظر اليَّ و تحرك نحوي مسرعا و فعلت المثل احتضنته و سلمت عليه و اطماننت عليه و عن حاله بعد ان فقدناه و كيف جاء ؟ رايت في عينيه دموع من اثر المكان و كذلك كنت انا ،جلسنا سويا ننتظر الصلاة ثم نواصل الرحلة و هنا تبدا حكاية هذه الرفقة مع زميلي و الذي سماني بعد عودتنا من الحج علي سبيل الدعابة "رفيق السلاح".


صلينا الفجر في يوم ثمانية ذي الحجة و هو موعد الانتقال الي "مني"،نزلنا للحمامات اغتسلنا و كان الكل يفعل ذلك و اتجهنا في طريقنا الي مني.


لا استطيع ان اصف لكم جمال هذا المشهد،لابد ان الجميع راه في الشاشات لكن لا يمكن ان تكون هذه المشاهدة معبرة و لو عن جزء من الواقع ،ان معايشة هذا الحدث لا يمكن ان تغني عنها اي مشاهة او سماع ،لقد كان الكل يلبي و يكبر و يذكر الله في مظاهرة ربانية لم تستطع ديانة في الارض ان تحقق مثلها ،كان للجميع هدف واحد و كان الجميع يتحركون في تيار واحد ،نهر ابيض من البشر ،لبياض الملابس و التجرد حكمة بدات اشعر بها اكثر كلما قمنا بالمزيد من المناسك.


وصلنا لمني و كان طريقها طويل جدا جدا لم اتوقع ابدا ان يكون كذلك،الحمد لله انني اديت مناسكي صغيرا و رحم الله كبار السن الذين يتحملون هذه المشقة ،ان اغلب الحجاج هم من كبار السن رجال و سيدات و منهم فوق السبعين الكثير و قد رايت منهم حماسا فوق حماسي لاداء المناسك علي اقدامهم دون مواصلات و قد شعرت نحو من رايت منهم بالكثير من الود و الحب.


وصلت مع الزميل قدري الي "مني" و الطريق اليها يشق المدينة فكنا نمشي بين العمائر و المتاجر و المطاعم و ينعطف الكثير من الحجاج الي بعضها ليتزودوا ببعض المؤن ثم يواصلون السير ؛كنت واحد من ملايين يتحركون الي هدف واحد استجابة لدعوة ابراهيم عليه السلام _"و اذن في الناس بالحج ياتوك..."_لقد اتيت و بمحض ارادتي انفقت المال و بذلت الجهد و لم نكد نبدا بعد في اداء المناسك و كانت الروح المعنوية و النشاط الروحي قد بلغ اوجه ؛بلغ حدا لم اشعر به من قبل و كانت السعادة الممزوجة بالترقب للقادم هي الحالة النفسية المسيطرة علي كياني طوال الرحلة

الثلاثاء، نوفمبر ١٦، ٢٠١٠

رحلة حج _ج8

زحام المسعي لم يكن اقل من زحام الطواف رغم وجود طابق علوي للسعي !!بدات من الصفا وكبرت و دعوت ثم تحركت صوب المروة ..الطريق بينهما لا استطيع تقدير طوله لان هذا لم يكن شاغلي ،و كان المسعي مرصوف بقطع السيراميك المربعة و مسقوف و مضاء و به وسائل تهوية حديثة ..!!مختلف تماما عن المكان الذي عانت فيه ام اسماعيل عليها السلام ،حتي الصفا و المروة علتهما ارض مبلطة بالسيراميك لتمكين الحجاج من ارتقائهما بسهولة ولذلك لن يستطيع احد ان يقدر مدي التعب الذي عانته ام اسماعيل عليها السلام.


لكم تمنيت ان تكون هذه الاماكن محتفظة بطبيعتها و لتكن معاناتي كيفما تكون!!لقد رايت الصفا و المروة مجرد ارتفاع قليل في الارض و ليستا تلتان عاليتان كما صورتهما لنا الكتب ،لكن بعد وقت طويل_في رحلة عمرة تالية بعد شهور_ عرفت اننا نسعي علي سقف لقبو جذور الصفا و المروة موجودة تحته و قد دخلت هذا القبو و رايت ذلك بنفسي.


انتهيت من السعي و هكذا انتهت عمرتي ،فذهبت و قصرت شعري متحللا من العمرة ،و كان من المفروض ان اخلع ملابس الاحرام في السكن لكنني تذكرت انني منفصل تماما عن كل زملائي و لا اعرف طريق السكن فاتصلت بمن اعرفهم لكنني فشلت في الوصول الي اي احد و كان نعليَّ قد ضاعا و لم اهتد الي المكان الذي وضعتهما فيه فاضطررت الي السير مسافة طويلة حافي القدمين اثناء بحثي عن السكن حسب الوصف الذي اعرفه و لم اهتد اليه في النهاية،و رغم قسوة دقائق المشي الحافي بسبب حاجتي الشديدة الي الراحة و وجود حصي جبلي كثير يفرش ارض المنطقة حول الحرم تمهيدا لاعمال التوسعة الجديدة ؛الا انني نفسيا كنت في راحة شديدة فقد مشت هنا اقدام شريفة مست اقدامي مواضع اقدامهم .و في النهاية قررت العودة الي الحرم و قضاء الليلة فيه حتي الصباح لاري ماذا قدر الله لي فنمت بجوار بعض الناس بعد سهرة طويلة قضيتها في الذكر و قراءة القران و الصلاة و النظر الي بيت الله العتيق و كانت مدة نومي حوالي ساعتين او ثلاثة انتهت باول صلاة فجر في المسجد الحرام.

الاثنين، نوفمبر ١٥، ٢٠١٠

رحلة حج _ج7


لقد طافت بذهني الكثير من الذكريات التاريخية اثناء الطواف، فهنا ولد الرسول في عام الفيل ،و هنا ولدت دعوته، هنا اتت الطير الابابيل ،و هنا هلك ابرهة بقوته ،هنا ...هنا كان الرسول صبيا يمشي بين اقرانه في مكة ،و من هناك اتي حينما كاد اهل مكة يتقاتلون علي نقل الحجر الاسود حتي حكَّموه و رضوا به حكماً،و هناك اذاه ابو جهل و في مكان ما بجوار الكعبة اتي حمزة و شج راس ابو جهل و اسلم و هنا دار الصراع الدموي بين الكفر و الايمان نهنا قتلت سمية و مات ياسر و نجا عمَّار ،و افلت سلمان و هاجر بلال ،هنا عاش ا لصحابي الحبيب ابو ذر الغفاري رضي الله عنه هنا فتح الرسول مكة و حطم حول الكعبة_و داخلها_ اكثر من ثلاثمائة صنم كانت تعبدها العرب و هكذا توالت الذكريات عن النبي و اصحابه ،هنا عاش علي و خالد بن الوليد و زيد و اسامة،كم هو رائع ان ياتي الانسان المسلم الي موطن هؤلاء الاعلام كي يدوس بقدميه علي اثار اقدامهم و يعيش بعض الوقت في موطنهم كي يتعلم و يعرف لهم فضلهم و انه لولاهم ما وصل الاسلام اليه.لقد شعرت ان من اهداف الحج هو تكريم هؤلاء الناس لجهادهم و صحبتهم لخير خلق الله محمد صلي الله عليه و سلم.


لقد بداو هنا و وصلتنا دعوتهم في كل اركان الارض ،لقد رايت الطائفين من كل الاجناس فعلمت للنبي و اصحابه فضلهم بصورة لم تحدث لي من قبل ،فاحيانا تكون المعرفه مجرد كلمات نظرية قراناها فتكون مجرد معلومات عقلية لكنها لا تسمي ابدا علم!!هل تستطيع ان تقول انك تعرف الله من خلال قراءة كتاب او اكثر في التوحيد مثلا؟؟بالتاكيد هذه المعرفة يعتورها القصور و النقص الشديد قد يقال ان له معرفة بالله ،لكن الافضل منه الشخص الذي خبر الحياة و الاحياء و منهم و من الكتب تعرف علي الله فاصبح به عالما،شخص يملك علم لا مجرد معرفة.


شردت بذهني فكاني اري ما حدث هنا من اكثر من 1400 سنة و بعدت في الزمن الاف اخري من السنين حتي رايت الكعبة يعلو بناؤها حجرا فحجر .و افقت علي ضرورة ان ادخل من باب المسعي كي اسعي بين الصفا و المروة ،المكان الذي سعت فيه ام العرب"هاجر المصرية"بحثا عن ماء لابنها اسماعيل حين كاد العطش يفتك به،فانفجرت بين اصابع قدميه ينابيع زمزم.

الأحد، نوفمبر ١٤، ٢٠١٠

رحلة حج _ج6


لم افق من حالة التحول النفسي التي حدثت لي فنسيت كل شيء الا المناسك !!هي فقط التي كانت في ذهني ،فتركت حقيبة كتفي الصغيرة في مكان حددته بدقة حتي لا افقدها و نزلت في زحام الطائفين ،بحثت عن ركن بداية الطواف الذي فيه الحجر الاسود و جعلته علي يساري و بدات اطوف سبعة اشواط حول البيت الحرام لاول مرة في حياتي،لقد تعاظمت ذاتي من شدة الفرح احسست بانني مختار و انني جزء من النظام الاساسي للكون بعد ان كنت في الدنيا مجرد نكرة.و تضاءلت ذاتي امام رب البيت فشعرت بالامتنان الشديد لنبي جاهد حتي وصلت انا الي هنا حاجا الي البيت الذي حُرِمَ هوو اصحابه سنين.


كنت اطوف وحدي و حولي عدد لا اعرفه تبينت انهم من كل جنسيات الارض بلا مبالغة !!فالافارقة كثيرون و الاسيويون لا احصيهم عددا و كذلك الاوروبيون و العرب ،لقد اختلطت الاجناس اختلاطا عجيبا لا يوجد في غير هذا الدين ،كانت العديد من الافواج تطوف خلف قائد يدعو الله بصوت عالٍ و هو يكررون وراءه و كل الافواج من غير العرب .


حاولت الدعاء ففشلت في باديء الامر !! لقد كنت مشغولا بالنظر الي الكعبة و كانت عيناي مبتلتان بدموع العرفان و الشكر لله العظيم الذي انعم النعم الكثيرة التي لا تُحصي قابلتها بلا شُكر ،دموع خاطيء لا يدري شيء عن ذنوبه لكنه يعلم عن يقين انه قد اقترف منها الكثير ..و حينما مر الوقت دون ان ادعو الله خفت ان يكون طوافي كله دهشة بلا دعاء فقد عجزت عن ايجاد دعاء اقوله في هذا الموقف !!!ادعو بماذا؟ ماذا اريد من الله كي اطلبه منه هنا؟ لم احب من يعتبرون الدعاء فرصة لتقديم عريضة طلبات الي الله و ينتظرون حقهم في تحقيقها تحت دعوي"عليك الدعاء و علينا الاجابة" لذلك حاولت ان ابحث عن دعاء خارج عن هذا النطاق _نطاق عريضة الطلبات_ فشكرت الله علي نعمته و كرمه و دعوته ان يلهمني الدعاء،فتذكرت الكثير من الناس دعوت لهم ثم تذكرت الكثير من الاذكار الماثورة فذكرت الله و دعوته بها :"اللهم اني امسيت اشهدك و اشهد حملة عرشك و ملائكتك و جميع خلقك ،انك انت الله ،لا اله الا انت ،وحدك لا شريك لك ،و ان محمداً عبدك و رسولك."


"اللهم ما امسي بي من نعمة فمنك وحدك لا شريك لك ،فلك الحمد و لك الشكر." "اللهم اني امسيت منك في نعمة و عافية و ستر،فاتم عليَّ نعمتك و عافيتك و سترك في الدنيا و الاخرة" و هكذا حتي رضيت .

السبت، نوفمبر ١٣، ٢٠١٠

رحلة حج _ج5



تخطيت جموع البشر متجها الي اقرب ابواب الحرم و دخلت ببطء ...بطء سببه نفسي التي كانت في حالة استمتاع غريب لم اعهده في حياتي فتباطأت للاستزادة من هذه المتعة قبل ان اجرب المتعة الكبري بالنظر الي بيت الله و الطواف حوله.


حاولت الدخول فرايت اعدادا هائلة تخرج و اعدادا اشد هولا منها تدخل في تياران متعاكسان اشبه بنهر لكنه نهر من البشر لابسي الاحرام الابيض فكان اجمل من كل الانهار، لا يجاوزه في الجمال الا انهار الجنة حينها قررت ان اكون جزءا من النهر الداخل فالقيت نفسي في تيار الواصلين فتحرك بي التيار حتي وجدت نفسي داخل اروقة المسجد الحرام بين اعمدته الكثيرة العدد .


لم اشعر و انا داخل الي بيت الله انني اسير اليه بل شعرت بانني اطير اليه او بالاحري يُطَار بي اليه.لم اشعر باقدامي تمس الارض ابدا حتي رايت البيت يظهر من خلف احد الاعمدة و كلما تحركت ظهر منه جزء اكبر و ظهرت جموع الطائفين حوله اكثر و اكثر حتي ظهر لي البيت كاملا فاحسست بما لا استطيع ان اصفه !!!


نسيت كل شيء !!!نسيت زملائي و القافلة التي اتيت معها ،نسيت ان افكر في حالي و مستقبل الساعات القادمة بعد ان فقدت كل زملائي و صرت وحدي لا ادري كيف سالتقي بهم اثناء الحج و عند العودةننسيت فعليا كل شيء و نسيت حتي نفسي ،و صرت اتحرك داخل هذا الزحام و كانني محض روح تتحرك في عالم من الارواح .


لقد كانت كل جوارحي تسلك سلوكا مختلفا لم اتعود عليه بل لم اجربه في حياتي من قبل،كانت هناك حالة جلاء واضحة تشمل كل حواسي ،اشعر بها في النشاط الزائد لكل حواسي.


لقد ابصرت بعيناي ما لم اراه من قبل و سمعت باذناي ما لم اسمعه من قبل و كنت اسير و لا ادري ما اخبار رجلاي وامسك حقيبتي الصغيرة و قد زال عن كتفي الم وزنها و كانها صارت بلا وزن ناصطدم بالناس و لا يلتفت اي احد لاي احد ...فالارواح مشغولة!!!


كنت مغمورا بفيض من مشاعر الفرح و السرور و رغم ضراوة الزحام كنت داخل نفسي اشعر بانني وحدي نلا يوجد هنا احد اعرفه و هذا المكان لي فيه كمسلم حق فعليّ ،الان يجب ان اندمج فورا مع كل هؤلاء الناس و ابدا في اداء المناسك ...مناسك الحج.

الجمعة، نوفمبر ١٢، ٢٠١٠

رحلة حج _ج4

انفرط الفريق الي مجموعات و كان الزميل قدري قد اسرع في المشي و سبق الجميع و تسلل الي مسجد في الطريق كي يستريح و يصلي فلم يكن في مجموعتنا التي ضمت(احمد كمال ،احمد سمير ،حمدي صابر و انا و شخص اخر لا يعرفه احد فينا) و ركبنا سيارة خاصة لسعودي يعمل عليها بالاجرة في هذا المكان حتي وصلنا الي مكان يسمونه "السيل الكبير"و اجتمعنا هناك و اكتشفنا ان الزميل قدري لم يكن في اي مجموعة من مجموعاتنا فرجع المشرف الي الطريق كي يعيده الينا و طلب منا ان نذهب جماعات كما اتفقنا لحين عودته و قدري.


عند "السيل الكبير"كان هناك حشد هائل من البشر سبقونا الي هناك و هناك من سياتي بعدنا ،من هذا المكان ركبنا مع سعودي اخر لم يكمل الطريق بسبب نقطة تفتيش اخري خا ف من المرور عندها لعدم وجود رخصة لتاجير سيارته فنزلنا و سعينا لركوب سيارة اخري الي مكة...لقد ظلت كلمة الي مكة هي الذ الكلمات التي نرددها في حواراتنا و ظل الوصول اليها امل ظللنا نحلم به.


ركبنا سيارة صندوق"تويوتا او نوع اخر" و عند نقطة تفتيش توقعنا النزول لكن هذه المرة رحب بنا رجال الشرطة و كان معهم رجال دعوة سالونابسرعة شديدة:انتم عرب؟قلنا :مصريين ،قال احدهم:ما معكم هنود او باكستانيين ؟ فتعجبنا للاسئلة و قلنا:لا كلنا مصريون فاعطوا كل واحد منا علي ما اذكر ثلاث كتب مختلفة عن الحج و العمرة و تركونا نمر ففرحنا بشدة و شكرناهم من اعمق مكان في قلوبنا ممكن ان نشكر منه انسان فتحركنا و عرفنا هنا انه لا توجد عقبات اخري قادمة في الطريق فالسيارة قد تحركت في مفترق طريقين سرنا في احدهما و مكتوب عليه بالخط الكبير "للمسلمين فقط"هذا معناه اننا صرنا في مكة وصلت السيارة الي اخر مكان يستطيع صاحبها الوصول اليه فنزلنا و ركبنا سيارة اخري "ملاكي "كان صاحبها يحب الحديث فعرف بلدنا و حدثنا عن التصريح و انها فكرة يرفضها و رحب بنا بشدة عند وصولنا لمكان مزدحم جدا و عرفنا ان السيارة يستحيل ان تمر لاننا قد اقتربنا كثيرا من الحرم دلنا السائق علي الاتجاه الذي سنسير فيه ثم ودعنا و سرنا مسافة قليلة صلينا فيها المغرب في مسجد علي الطريق ثم تحركنا مسافة اقل فوجدنا انفسنا في المسجد الحرام!!! و ادركنا هناك اول صلاة كتبت لنا هناك و كانت صلاة العشاء ليوم الجمعة السابع من ذي الحجة عام 1430 للهجرة.


قبل اقامة الصلاةحاولنا تناول اي شيء من الطعام علي وجه السرعة لاننا لم نتناول اي طعام طوال اليوم ،لكن اقامة الصلاة كانت اسرع فاغلقت المحلات و الطعام _و كان مجرد قطعة كيك_في ايدينا فوقفت في احد الصفوف التي تزاحمت بشدة خارج الحرم و لم انتبه ان زملائي قد تحركوا اثناء وقوفي للصلاة،و بعد الصلاة بحثت عنهم دون جدوي ؛فقد كان جميع من بالحرم بملابس الاحرام و عددهم يفوق الحصر فايقنت بانني لن اجدهم و ان عليَّ ان اكمل الرحلة ؛فبيني و بين الكعبة خطوات فقررت ان ادخل من اقرب ابواب الحرم كي اري الكعبة لاول مرة في حياتي .

الخميس، نوفمبر ١١، ٢٠١٠

رحلة حج_ج3

اوغلنا في المشي حتي صرنا كاننا وقعنا في حفرة جدرانها هي الجبال المحيطة بنا من جميع الجهات ،و كان الطريق ملتويا بصورة شديدة حتي ان كل جزء نمشي فيه و نتركه خلفنا يختفي بعد قليل في جبال تخطيناها ،و تظهر امامنا اجزاء اخري من الطريق لم تكن قد ظهرت من قبل و تظهر لنا معها جبال جديدة و بدا ان الامر لن ينتهي لان الافق مملوء بالجبال فكان علي من يريد ان ينظر الي اي شيء غير الجبال ان ينظر الي اعلي ...الي السماء ،لقد كانت السماء قريبة جدا ،كانها سقف خيمة اعمدتها الجبال،و لقد اشعرنا ادمان النظر اليها ان الله ينظر الينا بعين الرضا ،وان رسولنا بنا سعيد ،فازددنا سعادة و حماسة و مضي الوقت دون ان نمل او نكل.


كلما تاملت مشهد الزحف الابيض علي الطريق قويت معاني كلمات الاذكار التي اقولها في قلبي و كل كياني و صارت اذكار السر كانها صرخات عظيمة علي قمم و الجبال و جنبات الاودية،لقد صارت كل كلمة حمد و كل تسبيحة يرددها لساني سرا يتردد صداها في فضاءروحي و الذي صار يتسع اكثر و اكثر حتي اصبح اوسع من ارض تكسوها الجبال .لقد تعاظم الدين في قلبي فجعلت انظر الي السماء بادمان واضح و كانت العين ترسل دمعة شاكرة بين حين و اخر.


لم تات الحافلة بعد نقطة التفتيش لالتقاطنا كما كان مخططا لان الحافلة انطلقت لا تلوي علي احد لان سيارات الشرطة كانت تمشط الطريق لمنع اي حافلة من التقاط اي حاج من السائرين لان كل السائرين ممن رفضوا الدفع مثلنا و بدانا نسال عن نهاية الطريق لان الليل قد اوشك ان يحل و الطريق لا تبدو لها نهاية و كلما اختفي جبل ظهرت امامنا سلاسل جديدة من الجبال و هكذا بلا نهاية فقررنا ان نركب جماعات اي مواصلة الي مكة...الي مكة

الأربعاء، نوفمبر ١٠، ٢٠١٠

رحلة حج _ج2

.كنت سعيد جدا بملابس الاحرام ،لاول مرة اشعر بحرية تمنيت تحقيقها منذ زمن طويل جدا نتمنيت كثيرا ان اتجرد من كل ما يلتزم به البشر في حياتهم اليومية فتجردت وزيادة علي التجرد كنت في حالة نهضة روحية لا يحققها مجرد التجرد ،زاد من حالة الترقي الروحي رؤية الناس كلهم في نفس حالي ،الجميع في ملابس الاحرام يشعرون بما اشعر به. كانت ملابسنا شرانق حديد كادت تخنق ارواحنا علي مر السنين فلما احرمنا اصبحنا فراشات فيها من الرقة و الجمال ما يُعجِز الوصف ،تخلصنا من ملابسنا كي نستعد لارتقاء القمم الروحية التي وُعِدنا بها ،كنا نشعر بنشوة وجودنا علي باب انتصار عظيم اقترب موعده بعد حياة طويلة في ظل الهزائم المستمرة .شعرت بان كل ما مضي من عمري يقع خلف ظهري و عليَّ الان ان انتبه جيدا للايام القادمة امام عيني فلابد ان اتجنب فيها ما ارتكبته فيما مضي،انها حياة جديدة و فرصة لابد من استثمارها ،فرصة مسح كل صفحاتي القديمة و البدء من جديد!!!يالها من فرصة!!!


اشعرني العدد الهائل من المحرمون حولي بانني لا اقف في مكان عادي و لا في زمان طبيعي،شعرت بانني في موقف لا مكاني لا زماني ،موقف يمكن وصفه بانه مفصل يربط بين زمانين و مكانين مختلفين و في هذا المفصل يحدث هذا الشعور و فيه يستعد الانسان للتغير ،هذا التغير لا ياتي فقط من اثر المكان بل بالتضافر مع ارادة الانسان ،و هنا عاهدت الله و قررت ان اتغير.


تاخرنا في التحرك من ميقات الاحرام تاخرا ملحوظا حتي اذن الله لنا بالاجتماع مع المشرف الذي قال لنا:سنتحرك الان و بعد قليل سنقابل نقطة تفتيش ،اما ان يتركونا نمر و اما سنترك الحافلة و نمر سيرا علي الاقدام و نمشي مسافة بعدها نلتقي بالحافلة بعيدا عن التفتيش ثم نواصل الرحلة الي مكة.


وصلنا نقطة التفتيش و طال انتظارنا لمشرف الرحلة ،فاتي و قال : يريد ضابط النقطة كي نمر عشرين الف ريال ...و قال ضاحكا :لا يعرف ان اغلب الناس هنا يملكون فقط نفقات طعامهم طوال ايام الحج ،لقد حدثته طويلا ان جميع ركاب الحافلة معلمين و فيهم من اتي للمملكة منذ شهر واحد فقط و لا يملكون اي شيء مما تطلب ...كان طلب الضابط لهذا المبلغ لعبور الحافلة بسبب اننا جميعا لم نحصل علي تصريح حكومي بالحج و هو يكلف حوالي اربعة الاف ريال للفرد الواحد.


لم يكن لدينا شك في اننا سنحج هذا العام ،لقد احرمنا و سنذهب باي طريقة و بعد فشل المحاولات مع الشرطي قررنا الحل الاخر و هو ان نترك الحافلة تمر خالية و نمشي اي مسافة الي مكة...الله ،جميلة جدا اخر كلمة ...الي مكة ...كنا نقولها في حوارنا بتلذذ واضح ،لقد سافرنا في الزمن الي ايام النبي صلي الله عليه و سلم.لقد مشينا بين الجبال في طريق مرصوف ملتوي مسافات طويلة ربما اكثر من عشرة كيلو مترات كانت من امتع اوقاتنا علي الاطلاق و لقد شكرت الله ان رفض الشرطي مرورنا حتي نضطر الي المشي في هذا اليوم ؛كان هناك غيرنا من جميع الجنسيات في نفس طريقنا متجهين جميعا الي مكة...الله جميلة جدا جدا كلمة "الي مكة" لقد وصلتنا جميعا دعوة ابراهيم عليه السلام "و اذن في الناس بالحج ياتوك...."و قد اتينا طائعين مختارين. لقد كنا نسير علي الطريق و نري من بين الجبال عدد غفيرا من المحرمين خارجين من بين الصخور متجهين نفس الوجهة و من ناحية اخري تجد غيرهم بينما ارتقت مجموعة اخري بملابسهم البيضاء فوق صخرة عالية يحاولون المرور الي الطريق كي ينضموا للباقين بينما استقر اخرين علي الارض يصلون و هكذا لمسافات طويلة جدا لا ينتهي تدفق الناس من مختلف الاجناس و الاعمار، لقد كانت هناك طرق اخري ترمي بالحجاج .كانوا علي قمم الصخور و جوانب الطريق اشبه بطبقة عالية من الجليد الابيض في ايام الشتاء لكنه جليد يتحرك للامام،لقد فرحت بشدة حينما نظرت الي كل الحجاج حولي و عرفت انني في عين الكثير منهم قطعة من الجليد الابيض المتحرك،لقد اصبحت دون ان ادري واحد من المجموع الذي لا اعرف اي احد منهم و في الحقيقة لقد شعرت تجاه هؤلاء الالاف من الناس بالكثير من الود .

الثلاثاء، نوفمبر ٠٩، ٢٠١٠

رحلة حج _ج1


تاخرت كثيرا في الكتابة عن رحلتي حاجا الي مكة المكرمة العام الماضي _1430_،رغم ان هذا الحدث الاكثر اهمية في حياتي كلها قد مضي عليه عاما كاملا ،و اعتقد ان ما مضي هو مجرد زمن يمر كعادة الايام في المرور لكن الحج كحدث عشته لا يزال باقيا في نفسي !لم يزل هناك في الاعماق.و اعتقد ان ما صار بيني و بين هذه الرحلة اكبر مما بين كوكب و شمسه التي يدور حولها !!فتظل قابضة علي كل حركته حولها بقبضة من جاذبيتها الحديدية فيظل بدوره يدور حولها الي ما شاء الله له ان يدور ،ربما يظل مجذوبا نحوها حتي نهاية الكون.


تاخرت لان الموضوع اكبر من ان استوعبه حتي اكتب عنه حتي انني قررت عدم حكي هذه الرحلة اساسا لانني ايقنت بانني لن استطيع تقديم اي وصف يعبر حقيقة عن روح هذه الرحلة المقدسة .كيف ساصف مشهد حجاج البيت و هم يخرجون من بين الجبال جماعات جماعات بملابس الاحرام و كان اسرافل نفخ في الصور فايقظ البشرية من قبورها ليوم الحشر كانهم الي نصب يوفضون؟ كيف ساصف مشهد الطواف حول الكعبة –و ليس من سمع كمن طاف_ و قد شعرت حين رايته بانني خرجت من بشريتي و فنيت الي ذرات تطايرت في ارجاء الكون كله؟و كيف ساصف مشهد الزحف الي مني او الي عرفات او الي الجمرات ؟كل هذا يمنع من راه من الكتابة عنه.


فقلت انتظر ربما استطعت اذا مر الوقت حتي مرت شهور و اوشك موسم الحج الجديد ان يبدا و رايت انني لن استطيع الكتابة بدقة في كل الاحوال حتي لو مرت سنين !!فقررت الكتابة قدر الاستطاعة .


منذ ان فكرت في الهجرة ..رايت الكثير من الشباب يودون السفر الي السعودية لكني كنت افضل تجربة الامارات معتبرا انها افضل حسبما سمعت من غيري الا ان ردهم في كل مرة :نريد السعودية كي نحج. و كنت اعتبر رغبة شاب في الحج سابقة لاوانها ،فليفكر اولا في تكوين نفسه ثم يفكر في الحج،و كنت كلما سالني احدهم اقول :اشعر انني غير مطلوب ،و اسمي لم يُنَادي بعد و غالبا لا يفهم من سمعني معني ما قلت.حتي هاجرت و وجدت زملائي في العمل يستعدون للسفر كجماعة واحدة للحج ،فققرت لحظتها ان احج و شعرت انني مطلوب و انني قد نُودِيت و عَظُمَشوقي لزيارة بيت الله ،فبدانا ترتيب اجراءات هذه الرحلة العظيمة.


اشتريت ملابس الاحرام و الحزام و رتبت كل احتياجاتي ،و سافرنا برا من الدمام .في الحافلة كان الكل في حالة دائمة من الذكر،تعودنا علي الذكر كل يوم لكنه كان مختلفا جدا هذه المرة لا ادري لماذا اختلف؟كان هناك شيء من الله اصابنا غَيَّرَ من تكويننا النفسي طوال طريقنا الي مكة و كان ارواحنا شَفَّت و زال عنها بعض اثقال الجسد فانطلقنا نذكر الله كما اراد لنا ان نذكره في اي وقت،و ظلت حالة الذكر مستمرة حتي وصلنا الي الميقات و هو المكان الذي سنخرج منه من كل ما يتعلق بالدنيا و مشاغلها الي عالم جديد سنتغير فيه الي بشر اخرين!!وصلنا الي (السيل الكبير او قرن المنازل )كما يسميها اخرين.


مشرف الرحلة و منظمها _وهو مصري و مشرف تربوي بالمدرسة التي اعمل بها في نفس الوقت_قال :هنا سننزل كي للاستراحة و الاحرام ثم نلتقي بعد ساعة حتي نكمل طريقنا الي مكة،و في اقل من ساعة كنت قد تجهزت و اتممت كافة الاستعدادات


الاثنين، نوفمبر ٠٨، ٢٠١٠

ساعه

في احد اعطال زحام المرور كان هناك غني و فقير ..كلاهما يلبس في يده ساعة تنبيء بسهولة عن مستواه الاقتصادي .كان الغني كثير النظر الي ساعته شديد التافف و الضجر لعطل المرور و يتحدث الي عسكري المرور بلهجة زاعقه فيها من الغرور الكثير فحبيبته في انتظاره و يخشي فوات الموعد او ربما كان ذاهبا الي نزهة .اما الفقير فكان ذاهبا للبحث عن رزق لعائلته و بالرغم من هدوئه الظاهر الا انه كان يغلي من داخله كانه مرجل نووي يكاد ينفجر من شدة احتباس الضغط بداخله .كان الغني يريد ان يعبر الطريق بسيارته قبل اتوبيس الفقراء ،لانه بحسب كلامه في عجلة من امره ،و كان يري ان الوقت عند الفقراء غير مهم .كان يظن ان ساعته الذهبية الثمينة تهبه وقتا ثمينا ،اما ساعات الفقراء فوقتها و زمنها رخيص لا يجب ان يحظي باهتمام او التفات.

الجمعة، نوفمبر ٠٥، ٢٠١٠

مصر في التاريخ

قال اوجست مارييت:

"مصر لا تشرق بضع لحظات ثم تغيب في ليل طويل ،كما حدث في بلاد اخري ،بل العكس هو الصحيح ،فان يمن طالعها العجيب اراد لها ان تواصل عملها سبعين قرنا .و ان تترك اثرها في ناحية من النواحي واضحا جليا ،فيما يكاد يشمل جميع حقبات هذا التاريخ الطويل .ففي العصر الفرعوني ظهرت مصر ،في غابر الزمان و مطالع الدهور ،جدا اعلي لجميع الامم

،بملكها خوفو ينشيء بناء لا يتفوق عليه الفن الحديث ،و بملوكها تحوتمس ،و امنحوتب ،و رمسيس ،يسحبون خلف عرباتهم الحربية اسري من جميع الاجناس التي عرفها ذلك الزمان .و ابان الحكم اليوناني و الروماني نري مصر تتحكم في عالم الفكر ،كما تحكمت من ذي قبل باسلحتها ،فهم فلاسفة الاسكندرية الذين تولوا الحركة الفكرية في غضون ازمة من اشد الازمات الروحية ،و هي الحركة التي تمخضت عن العالم الحديث .و في القرون الوسطي شاد الفن العربي بالقاهرة منشاته التي تعز علي التقليد ،ووقفت مصر سدا منيعا امام الصليبيين ،و اسرت عاهلهم لويس بالمنصورة .و في ايامنا تجيء الحضارة الحديثة لتعيش علي ضفاف النيل ،فتستانف مصر سيرها بخطوات واسعة في ركب التقدم ،و اذا العالم اجمع يتنبه اليها."

............

عن كتاب /سندباد مصري

تاليف /حسين فوزي

ص310

.............