الأحد، سبتمبر ١٣، ٢٠١٥

الإسلام بين الشرق والغرب



الإسلام بين الشرق و الغرب
تأليف / علي عزت بيجوفيتش
..................................
احترت كثيرا عندما فكرت في كتابة تعليق علي هذا الكتاب . فأي كلام سيكتب عنه لن يوفيه حقه و ربما اعتراه من القصور و العيب ما يمكن أن نعتبره تنقيص من مكانة الكتاب و ليس إعلانا عنه أو تعريفا به . 
لذلك سأكتفي بذكر بعض مميزاته و بعض ما ورد فيه معتمدا علي مقتطفات من كتاب المؤلف أثناء التعليق علي الكتاب.
الكتاب ألفه رجل مسلم ، لكنه رجل غربي الثقافة ، و هذا أول عوامل غرابته و حداثة أفكاره ، و مصدر الشعور الغريب الذي شعرت به أثناء قراءته ، و مصدر حالة الانفتاح التي عشتها عقليا ووجدانيا و روحيا أثناء قراءة الكتاب .
..............................
ينقسم الكتاب إلي قسمين كلاهما مقسم إلي فصول كالأتي :
...............................
القسم الأول : مقدمات : نظرات حول الدين
......................
و فيه فصول : الأول : الخلق و التطور ،و الثاني : الثقافة و الحضارة  ،و الثالث : ظاهرة الفن ،و الرابع : الأخلاق ، و الخامس : الأخلاق و التاريخ ، و السادس : الدراما و الطوبيا .
..............................
القسم الثاني : الإسلام . الوحدة ثنائية القطب
..........................
و فيه فصول : السابع : موسي _ و عيسي _ و محمد  ، الثامن : الإسلام و الدين ، التاسع : الطبيعة الإسلامية للقانون ، العاشر : الأفكار و الواقع  ، الحادي عشر : " الطريق الثالث " خارج الإسلام
...................................
في هذه الفصول تحدث المؤلف عن الإسلام بعمق غير مألوف عند المفكرين المسلمين ، مبتدئا بالحديث عن أصل الخلاف بين القائلين بالتطور ( أتباع داروين ) و القائلين بالخلق ، فانتصر بهدوء للرأي الثاني .
لان فكرتين مختلفتين عن الانسان و حقيقتين متعارضتين عن اصله ، و لن ينتصر احد يري المؤلف ان داروين و ميكل انجلو يمثهما علي الاخر ، لان احدهما مدعم بعدد هائل من الحقائق يستحيل تفنيدها ،بينما الاخر مستقر في قلوب جميع البشر
ان الكائن الانساني ليس مجموع وظائفه البيولوجيه و كذلك اللوحه الفنيه لا يمكن تحليلها الي كمية من الالوان و لا القصيده الي الالفاظ التي تكونها ،هناك فارق بين المسجد و بين المعسكر الحربي .
اننا نقول ان الانسان قد تطور ، و هذا صحيح ،لكنه يصدق فقط بالنسبه لتاريخه البشري الخارجي .الانسان كذلك مخلوق ،و قد انصب في وعيه ليس فقط انه مختلف عن الحيوان ، و لكن ايضا ان معني حياته لا يتحقق الا بانكار الحيوان الذي بداخله .فاذا كان الانسان هو ابن الطبيعه فكيف تسني له ان يبدا في معارضة الطبيعه؟
ان الانسان لا يسلك في حياته كابن للطبيعه بل كمغترب عنها شعوره الاساسي هوالخوف ، الا انه ليس خوفا بيولوجيا كذلك الذي يستشعره الحيوان انما هو خوف روحي كوني بدائي موصول باسرار الوجود الانساني و الغازه  .
يري المؤلف ان الحرية قضية أساسية للحياة الإنسانية ، و هي في رأيه من دلائل وجود الله ، و هي من دلائل خلق الأنسان ، فيقول :
ان قضية الخلق هي ، في الحقيقه ، قضية الحريه الانسانيه .فاذا قبلنا فكرة ان الانسان لا حرية له ، وان جميع افعاله محددة سابقا _ اما بقوي جوانيه او برانيه _ ففي هذه الحاله لا تكون الالوهيه ضروريه لتفسير الكون و فهمه . و لكن اذا سلمنا بحرية الانسان و مسؤليته و مسؤليته عن افعاله ، فاننا بذلك نعترف بوجود الله اما ضمنا و اما صراحة . فالله وحده هو القادر علي ان يخلق مخلوقا حرا ،فالحريه لا يمكن ان توجد الا بفعل الخالق .
و يواصل المؤلف قفزاته الفكرية منتقلا بالحديث الي موضوع الثقافة و الحضارة ، مميزا و مفرقا بينهما ، متوصلا لضرورة  وجود الدين من خلال تعريف الثقافة .
هناك خلط غريب بين فكرة الثقافه و فكرة الحضاره
الثقافه هي تاثير الدين علي الانسان او تاثير الانسان علي نفسه ، بينما الحضاره هي تاثير الذكاء علي الطبيعه او العالم الخارجي .الثقافه معناها "الفن الذي يكون بها لانسان انسانا" ، اما الحضاره فتعني "فن العمل و السيطره و صناعة الاشياء صناعة دقيقه "، الثقافه هي " الخلق المستمر للذات ".اما الحضاره ، فهي " التغيير المستمر للعالم ".
 و هذا هو تضاد :الانسان و الشيء ، الانسانيه و الشيئيه .
و يري المؤلف أن الثورة لها علاقة قوية بالدين ، فلا دين بلا ثورة ، فيقول : ان المجتمع العاجز عن التدين ، هو ايضا عاجز عن الثوره . و البلاد التي تمارس الحماس الثوري تمارس نوعا من المشاعر الدينيه الحيه .ان مشاعر الاخوه و التضامن و العداله هي مشاعر دينيه في صميم جوهرها ، و انما موجهه في ثوره لتحقيق العداله و الجنه علي هذه الارض .
للمؤلف اراء كثيرة لا يمكن استيعابها في تعليق علي الكتاب لذلك أنصح بشدة بقراءة هذا الكتاب .


ليست هناك تعليقات: