الخميس، سبتمبر ٢٣، ٢٠١٠

غادرت مصر مرة اخري


صورتين لعمر اثناء لعبي معه قبل سفري باسبوع

قبل نهاية اجازتي الصيفية بايام قلائل حاولت ان اجعل ايامي تمر بصورة طبيعية الا ان فكرة ترك الوطن و العيش مغتربا خارجة مرة اخري كانت اكثر قوة في الحاحها من ان استطيع مقاومة التفكير فيها ،و كانت كل هواجسي منصبة علي كفلي الذي بلغ عامه الاول منذ ثلاث شهور فقط .لقد اتيت من الغربه و لم يكن يعرفني لاني تركته و كان في سن ثلاث شهور و لم يكن يعرف اي شيء حينها لكنه الان يعرفني و يتعلق بي بشده فكيف ساتركه هذه المرة.؟

................................

قررت ان اصطحب عمر و امه الي المطار كي يظلا معي اطول فتره ممكنه و لاملاء عيني من صورته قبل السفر و كي يحظي بفترة اطول من اللعب و المداعبة معي و حانت اللحظة التي يجب فيها الافتراق .سلمت علي ابي و السائق و ابن اخي و ام طفلي و حينما اتي دوره ابتسم ابتسامته الواسعة التي تسعدني و تنسيني كل شيء في الكون،الا انني لم استطع الابتسام له الا متصنعا فغادرتهم بسرعه قبل ان تزيد اللوعة في صدري و لم التفت الي الخلف و اتجت الي بوابات مطار القاهرة.

لم يعرف عمر اي شيء مما يحدث حوله ربما ظن انه في رحلة من رحلاته التي عودته يوميا عليها فكان سعيدا .لكنه بالتاكيد لم يتوقع ابدا ان تكون سعادته هذه تحتها قطيعة وقعت في نفسي وقع الخيانة من اب لطفله.

............................

انا الان في مطار القاهرة الدولي لمغادرة البلاد للمرة الثانية بعد ان انتهت اجازة الصيف بشهورها الثلاثة.الاجازة ما كادت تبدا حتي انتهت و صار لزاما ان ابدا رحلة غربة جديدة خارج الوطن كي تضيف طبقة جديده الي طبقات الاغتراب التي احياها حاليا سواء كانت الاغتراب النفسي او الاغتراب داخل الوطن اوخارجه او غيرذلك.و رغم حالتي النفسية السيئه الا انني لم استطع اخفاء اعجابي بالمطار و روعة تنظيمه الاداري و الفني.

...........................

اقلعت طائرة مصر للطيران من نوع بوينج 737 رحلة 2094 ليوم الثلاثاء 21 سبتمبر 2010 في تمام الساعة العاشرة و النصف مساءا و كان موضعي فيها بجانب الشباك المجاور لجناح الطائرة الايمن تماما ،و اثناء الاقلاع لم يكف لساني عن القاء السلام علي ارض الوطن و الدعاء لمصر بالسلامه. لقد خرجت من مصر مره علي متن طائرة عربيه ،لم يكن انتقالي بها سفرا !!بل كان جريمة خلع انسان من وطنه ،بدات غربتي يومها منذ ان وطئت اقدامي متنها ،اما هذه المره فان مصر للطيران قد اخرت غربتي ثلاث ساعات كامله شعرت خلالها ان ايدي الوطن تحملني بامان الي ارض يجب ان اشعر فيها بامان اكثر لقد كانت قطعة طائرة من ارض الوطن و كان سفري بها فيه شيء من حنان الام !!لاول مره اشعر ان للاوطان حنان لهذا الحد.و حين اطلعت علي شبكة رحلات مصر للطيران في دليل الشركة رايت خطوطها اشبه بايدي الاله اتون الذي يوزع الخير علي العالم كله بالعدل حسبما تصوره اخناتون ،لذلك قررت ان اعود الي مصر عن طريق مصر للطيران

........................

اثناء الرحلة وزعت علينا مضيفات الطائرة جرائد مصر القومية حسب رغبات المسافرين و كذلك الاطعمة و المشروبات و رغم حاجتي الي النوم الا انني لم استطع لان الرغبة في الاطلاع علي شئون مصر كانت اقوي كما ان وقت التوزيع استغرق تقريبا طوال الرحلة مما تطلب بقاء الضوء الساطع طوال الرحلة و هو ما جعل نومي مستحيلا اكثر لان لي عينان حساستان بشدة للضوء حتي ان ضوء عود كبريت بقرب عيني يستطيع ايقاظي من نوم عميق .و اكثر من ذلك ان شاشات عرض بالطائرة كانت تعرض موقعها الجغرافي علي خريطة العالم مما جعل انتباهي مشحوذا بشدة .

............................

نزلت ارض مطار الدمام و كانت اجراءات القدوم سهلة كاجراءات المغادرة في مصر و انتظرنا حقائبنا و اجريت اتصالا باهلي من خط موبايل سعودي كان معي منذ العام الماضي و لم اتوقع ان يعمل لكنه انجز الاتصال بالفعل و كنت سعيد جدا به رغم انه شيء تافه لكن الاتصال باهلي من هذا المكان كان هو سبب راحتي النفسية.

..............................

غادرت المطار للبحث عن تاكسي فقابلني شاب ظننت انه سوري قائلا:تاكسي؟فاجبته ...نعم و مشيت معه الي الخارج و عرفت منه انه سعودي و تحدثنا طوال الطريق عن بعض الشئون كالطقس و الرطوبة الشديدة في السعودية ثم عن ام كلثوم و عبد الحليم حافظ و اعجابه الشديد بهما حتي وصلت لسكني.

نزلت و كنت سعيد جدا جدا بان مرحلة القلق انتهت و بقي فقط ان اصعد و افتح باب الشقة كي اسلم علي الزملاء و انام تمهيدا لاول ايام الغربة في عام دراسي جديد.دخلت السكن علي مرتين لثقل احمالي و حقائبي ففوجئت بالشقة و قد تحولت الي ما يشبه الخرابة لدرجة اعتقدت معها ان السكن تغير و ان لا احد هنا. لكن قراري السريع الذي اتخذته ان انام هنا و اذهب للمدرسة في الصباح كي اعرف ما جد من امور.و دخلت غرفتي لفتح حقائبي و تغيير ملابسي و سمعت صوت مكيف غرفة اخري مجاورة ففتحتها ببطء وجدت احد الزملاء نائما فاعتقدت انه هنا لاخطار من ياتون من السفر بتغيير السكن و بعدها بقليل صحا اخر من نومه كي يتناول سحوره فسلمت عليه و نمت كي اعرف مستجدات الاحداث في الصباح و لم استطع النوم لكثافة الافكار و ازدحامها الشديد حتي ان راسي كان اكثر ازدحاما بالافكار من ميدان رمسيس بالسيارات.

..................................

في الصباح قابلت الجميع و عرفت ان اخر من غادر السكن في العام الماضي ترك الشبابيك مفتوحة و ان اجراءات التنظيف ستتم حالا ،ثم اندمجت مع المجموعه كي نبدا ما انتهينا منه العام الماضي.

.............................

بعد يوم كامل اتصلت بزوجتي و عرفت منها ان ابني يدور في كل الغرف باحثا عني و كلما شعر بغيابي زاد في البكاء!!!لا يعرف المسكين انني لن اعود قبل تسعة اشهر ..ؤكد انه سيكون قد نسيني تماما

......................

هناك ١٤ تعليقًا:

AHMED SAMIR يقول...

الفراق صعب جدا جدا
اصعب حاجة بجد هي اللحظة اياها
لحظة الوداع
و على قد جمال لحظة الوصول على قد ما لحظة الفراق بتكون مميتة
ربنا يردك سالما لأهلك

زمان الوصل يقول...

:(
لا حول ولا قوّة إلاّ بالله ..
أحزننى جدّا وصفك لابنك و حاله و هو يودّعك ببراءه دون أن يدرك أنّه وداع و حاله و هو يبحث عنك فى جنبات المنزل ..

ربنا يقصّر غيبتك عنه .. حاول حتى تسمعه صوتك من خلال التليفون و إن كنت أحب أن أطمئنك أنّه لن ينساك ..

Unknown يقول...

احساسك بالوطن
قلما وجد لانة ببساطة لم يعد الكثير يسموة وطن ؟؟

اما عن عمر فربنا يخلية لك يارب ويبارك لك فية وفى اسرتك وترجع لهم بالسلامة

ولعل الله يصلح ما افسدناه
فتعود سالما لوطنك وابنك

اقصد يحسن الاوضاع الاقتصادية

تحياتى لك ولرحلتك التى جلعلتنا نشاركك اياها ببراعه

احساس نفس هادئه يقول...

حماه الله وجعله من الصالحين
واعادك اليه سالما غانما

Desert cat يقول...

اكتر لحظة بكرهها فى حياتى هى لحظة الفراق علشان كدا لما بيكون فى حد قريب منى مسافر بهرب من وداعه بكل الطرق
ربنا يرجع بالسلامة
وينتقم من اللى كان السبب فى شتاتنا كلناعن اوطاننا

Enbee يقول...

عزيزي
يبدو أنك في بدايات سفرك.. على أي حال الزمن كفيل بكل هذه المشاعر والمشاكل التي تشعر بها.. فكر في الجوانب المشرقة حتى تألف الوضع .. أو يألفك الوضع !!!

تحياتي

ذو النون المصري يقول...

احمد سمير
موجعه جدا لحظات الفراق
تشبه فراق احياة علي ما اعتقد لانها فراق حياة الي نوع اخر من الحياة
.......................

ذو النون المصري يقول...

زمان الوصل
اشكر لك جدا دعواتك
ربنا يقصر ايامي في الخارج
امين

ذو النون المصري يقول...

................
نهر الحب
سعيد جدا بتعليقك و زيارتك لمدونتي
شكرا لك
تحياتي
.........................

ذو النون المصري يقول...

احساس نفس هادئة
يارب امين
....................

ذو النون المصري يقول...

قطة الصحراء
يارب ينتقم منهم جميعا
من افسدوا البلاد و اضطروا العباد للهجرة
تحياتي
...................

ذو النون المصري يقول...

بار اكودا
انا فعلا لسه جديد
دي تاني سنه
يارب االف الوضع او يالفني كما تقول
تحياتي
................................

اختك يقول...

حرام عليك ياشناوى انا تعبت من غربتك اكتر من غربتى وحشتنى اوى

ذو النون المصري يقول...

اختي
انتي كمان واحشاني جدا