..................................
في سلسلة كتب عالم المعرفه غالبا ما اخرج من قراءة كتاب منها بفكرة واحده تسيطر علي اغلب صفحات و ابواب الكتاب يدور حولها الكاتب من جميع الجهات التي يمكن من خلالها ابرازها للوجود الحي في عقول الناس.
و هذه الفكره غالبا ما تكون من القوة بحيث تشارك في تغيير اتجاه الفكر في عقلي و بناء ادوات تفكير و اليات جديده لانتاج الافكار .فهي افكار ثقيلة الوزن بالكيفية التي شرحناها في التدوينة السابقه و كتب هذه السلسله من النوع الذي يوسع مدارك الانسان.
قرات في هذه السلسله اخيرا كتاب التنوير الاتي من الشرق ،و خرجت منه بفائده و اجابه لتساؤل كثيرا ما طرحته علي نفسي كثيرا: لماذا كانت هناك حركة استشراق و لم تكن هناك حركة مغايره لها و لتكن حركة استغراب؟ لماذا اهتم الغرب بدراسة الشرق دراسة اكاديميه اخضعوا فيها تراثه و تاريخه و عاداته و تقاليده و عقائده للفحص و التمحيص و النقد ؟و لماذا لم نجد حركة مماثله خرجت و نبعت من الشرق اهتمت بدراسة الغرب و فحصه كما فعل الغربيون بنا؟
ان ما يلزم تفسيره بخاصة هو اهتمام الغرب الشديد بالشرق من جانب واحد و علي نحو مطلق ، او هكذا علي ا لاقل حتي وقت قريب نسبيا .نعرف ان المستكشفين و المفكرين الغربيين و علي مدي مئات – وربما الاف – السنين سعوا الي استكشاف الشرق و الالتقاء به ،و درسوه و استوعبوه و عمدوا بالتناوب الي تتويجه ليحتل عرش الديانات و الخيال الثقافي للغرب ،و كذا الي اقالته عن عرشه .و نجد في المقابل الشرق لم يسع خارجا الي الغرب بالطريقة نفسها ،اذ لم يحاول جاهدا ان يحتل اراضيه ،او ان يتعلم منه ،او ان ينحني راكعا امامه .نعم ان بلدان و ثقافات اسيا افسحت يقينا الطريق في الاونه الاخيره للافتتان بالتكنولوجيا الغربيه و ما اقترن بها من عقيدة الاستهلاك ،و كذا لايديولوجيات ا لغرب السياسيه و مذاهبه و اوثانه الشعبيه ،بل و لفلسفاته .و لكن يجب ان نتذكر ان عمليات التحديث هذه ما هي الا عملية لم تذدهر تلقائيا من غرس ثقافي شرقي .بل كانت نتيجة تدخلات الغرب قسرا و ما فرضه من مطالبات
لكن كل الاجابات حصلت عليها بعد قراءة هذا الكتاب!فالغربيون كانوا اكثر اهتماما بالشرق لاسباب بعضها كان محكوم بحركة التا ريخ و مجريات الاقدرا. ان ظهور و تطور الاستشراق في الغرب اقترن علي نحو وثيق بظروف تفردت بها اوروبا خلال الفترة الحديثه – و هذه هي ظروف الثورة الثقافيه و التوسع الكوكبي – و ساعدت هذه الظروف اولا علي خلق فراغ اليم في قلب الحياة الروحية و الفكرية لاوروبا ،و ثانيا ميلاد اوضاع سياسيه جغرافيه يسرت انتقال رؤي عالميه بديله من الشرق
و قد كان الشرق في البدايه مجرد تصور زهني و منظومه من التخييلات الايديولوجيه وضعها الغرب و لصقها بالشرق كي يبرر لنفسه التسلط عليه و احتلاله و استغلاله
و قد اصاب ادوارد سعيد في دعواه بانه لا توجد معرفه مبراه من السياسه ،لكن ربط الاستشراق بالسلطه الاستعماريه يمكن ان يمثل جزءا واحدا فقط من القصه .
فالغرب في اهتمامه بالشرق كانت له اسباب دينيه و عقائديه تعلق بديانته هو و فلسفاته هو و التي اصابه فيها شك كبير و خيبة امل بعد ان عجزت هذه الفلسفات في ارواء ظما الغربيين الميتافيزيقي
ويذهب ا لمؤرخ وليام هاس الي ان اهتمام الغرب بالشرق يكشف عن حالة شك عميق ،و يبرز حقيقة ان الحضارة الغربيه في العصر الحديث اصبحت ،اكثر فاكثر لغزا غامضا بالنسبة الي نفسها –مرتابه بشان جوهرها و قيمتها – مشوشه غير مطمئنه بالنسبة الي الطريق و الهدف
كما علق الفيلسوف تروي ويلسون اورغان علي الازمه الراهنه بقوله" نحن بحاجه الي ما وراء الغرب التماسا للعلاج"
و قد استنفر الغرب قواه الفكريه في دراسة الصين في باديء الامر و تحمس الغربيون لكونفوشيوس حتي عده بعضهم قريبا في حكمته من المسيح و رفعه بعضهم الي مقام اعلي من ذلك،ثم انحسرت موجة الاهتمام بالصين و حلت محلها الهند و فلسفاتها و دياناتها كالبوذيه و غيرها
و هكذا بينما انبثق الاهتمام بالشرق اول الامر من متطلبات اخلاقيه و سياسيه في الاساس فان الصيغه الجديده قد انبثقت اساسا مما يمكن وصفه بصفه واحدة،الا وهو الظما الميتافيزيقي.و بينما احتلت الصين سويداء القلب كيوتوبيا سياسيه ،اضحت الهند مملكة الروح
ان الرومانسي الذي اصبح يضيق زرعا بالروح البارده الجامده السائده في المناخ العقلاني المسيحي الاوروبي الداعي الي الانفصال الصريح عن جذوره ،بدت لها لهند هي ارض الميعاد
و بدت فكرة وجود شبه قاره من المثاليين قد استحوزت علي خيال الغرب
في سلسلة كتب عالم المعرفه غالبا ما اخرج من قراءة كتاب منها بفكرة واحده تسيطر علي اغلب صفحات و ابواب الكتاب يدور حولها الكاتب من جميع الجهات التي يمكن من خلالها ابرازها للوجود الحي في عقول الناس.
و هذه الفكره غالبا ما تكون من القوة بحيث تشارك في تغيير اتجاه الفكر في عقلي و بناء ادوات تفكير و اليات جديده لانتاج الافكار .فهي افكار ثقيلة الوزن بالكيفية التي شرحناها في التدوينة السابقه و كتب هذه السلسله من النوع الذي يوسع مدارك الانسان.
قرات في هذه السلسله اخيرا كتاب التنوير الاتي من الشرق ،و خرجت منه بفائده و اجابه لتساؤل كثيرا ما طرحته علي نفسي كثيرا: لماذا كانت هناك حركة استشراق و لم تكن هناك حركة مغايره لها و لتكن حركة استغراب؟ لماذا اهتم الغرب بدراسة الشرق دراسة اكاديميه اخضعوا فيها تراثه و تاريخه و عاداته و تقاليده و عقائده للفحص و التمحيص و النقد ؟و لماذا لم نجد حركة مماثله خرجت و نبعت من الشرق اهتمت بدراسة الغرب و فحصه كما فعل الغربيون بنا؟
ان ما يلزم تفسيره بخاصة هو اهتمام الغرب الشديد بالشرق من جانب واحد و علي نحو مطلق ، او هكذا علي ا لاقل حتي وقت قريب نسبيا .نعرف ان المستكشفين و المفكرين الغربيين و علي مدي مئات – وربما الاف – السنين سعوا الي استكشاف الشرق و الالتقاء به ،و درسوه و استوعبوه و عمدوا بالتناوب الي تتويجه ليحتل عرش الديانات و الخيال الثقافي للغرب ،و كذا الي اقالته عن عرشه .و نجد في المقابل الشرق لم يسع خارجا الي الغرب بالطريقة نفسها ،اذ لم يحاول جاهدا ان يحتل اراضيه ،او ان يتعلم منه ،او ان ينحني راكعا امامه .نعم ان بلدان و ثقافات اسيا افسحت يقينا الطريق في الاونه الاخيره للافتتان بالتكنولوجيا الغربيه و ما اقترن بها من عقيدة الاستهلاك ،و كذا لايديولوجيات ا لغرب السياسيه و مذاهبه و اوثانه الشعبيه ،بل و لفلسفاته .و لكن يجب ان نتذكر ان عمليات التحديث هذه ما هي الا عملية لم تذدهر تلقائيا من غرس ثقافي شرقي .بل كانت نتيجة تدخلات الغرب قسرا و ما فرضه من مطالبات
لكن كل الاجابات حصلت عليها بعد قراءة هذا الكتاب!فالغربيون كانوا اكثر اهتماما بالشرق لاسباب بعضها كان محكوم بحركة التا ريخ و مجريات الاقدرا. ان ظهور و تطور الاستشراق في الغرب اقترن علي نحو وثيق بظروف تفردت بها اوروبا خلال الفترة الحديثه – و هذه هي ظروف الثورة الثقافيه و التوسع الكوكبي – و ساعدت هذه الظروف اولا علي خلق فراغ اليم في قلب الحياة الروحية و الفكرية لاوروبا ،و ثانيا ميلاد اوضاع سياسيه جغرافيه يسرت انتقال رؤي عالميه بديله من الشرق
و قد كان الشرق في البدايه مجرد تصور زهني و منظومه من التخييلات الايديولوجيه وضعها الغرب و لصقها بالشرق كي يبرر لنفسه التسلط عليه و احتلاله و استغلاله
و قد اصاب ادوارد سعيد في دعواه بانه لا توجد معرفه مبراه من السياسه ،لكن ربط الاستشراق بالسلطه الاستعماريه يمكن ان يمثل جزءا واحدا فقط من القصه .
فالغرب في اهتمامه بالشرق كانت له اسباب دينيه و عقائديه تعلق بديانته هو و فلسفاته هو و التي اصابه فيها شك كبير و خيبة امل بعد ان عجزت هذه الفلسفات في ارواء ظما الغربيين الميتافيزيقي
ويذهب ا لمؤرخ وليام هاس الي ان اهتمام الغرب بالشرق يكشف عن حالة شك عميق ،و يبرز حقيقة ان الحضارة الغربيه في العصر الحديث اصبحت ،اكثر فاكثر لغزا غامضا بالنسبة الي نفسها –مرتابه بشان جوهرها و قيمتها – مشوشه غير مطمئنه بالنسبة الي الطريق و الهدف
كما علق الفيلسوف تروي ويلسون اورغان علي الازمه الراهنه بقوله" نحن بحاجه الي ما وراء الغرب التماسا للعلاج"
و قد استنفر الغرب قواه الفكريه في دراسة الصين في باديء الامر و تحمس الغربيون لكونفوشيوس حتي عده بعضهم قريبا في حكمته من المسيح و رفعه بعضهم الي مقام اعلي من ذلك،ثم انحسرت موجة الاهتمام بالصين و حلت محلها الهند و فلسفاتها و دياناتها كالبوذيه و غيرها
و هكذا بينما انبثق الاهتمام بالشرق اول الامر من متطلبات اخلاقيه و سياسيه في الاساس فان الصيغه الجديده قد انبثقت اساسا مما يمكن وصفه بصفه واحدة،الا وهو الظما الميتافيزيقي.و بينما احتلت الصين سويداء القلب كيوتوبيا سياسيه ،اضحت الهند مملكة الروح
ان الرومانسي الذي اصبح يضيق زرعا بالروح البارده الجامده السائده في المناخ العقلاني المسيحي الاوروبي الداعي الي الانفصال الصريح عن جذوره ،بدت لها لهند هي ارض الميعاد
و بدت فكرة وجود شبه قاره من المثاليين قد استحوزت علي خيال الغرب
الكتاب ممتاز و مفيد جدا و انصح بقراءته
...................................
تابعوا ما نكتبه علي مدونتنا فلسفة حياة و فنون جميله
اللوحه للفنان يوجين ديلاكروا
.......................
هناك ٤ تعليقات:
ربما لم تخرج حركة مماثلة من الشرق
لنفس الاسباب التي دفعت الغرب لاخراج تلك الحركة الاستشراقية
فالشرق مهبط الديانات واصل الحضارات
وبه مايكفي لري ظمأ العالم أجمع
بينما كان البناء الغربي منذ بدايته بناء على غير اعمده روحية واخلاقية راسخة
فلماذا يكون الظمأ والشغف بحضارة مادية نذائر انهيارها قائمة منذ بدايتها
المشكلة في الشرق تكمن فقط
في أنه لا يحسن فهم واستغلال هذه الحقيقة
فالحقيقة ان الشرقيون بحاجة الى حركة استشراق
!!!
امتعتني القراءة
شكرا لك
صديقى المتالق دائما ذو النون كيف حالك...اتمنى ان تكون بخير...
اعجبنى تلخيصك تلك المرة بحق...مش عارف مشكلتنا اننا احنا فاهمنى..!
النجمه الصامده
فعلا زي ما قلت
الشرقيين في حاجه الي الانتماء الي الشرق
نحن الذين في حاجه الي دراسة انفسنا
تحياتي
الغزالي
طبعا فاهمك
و مشكلتنا الحاليه اننا مش عاوزين نتغير
إرسال تعليق