الجمعة، يونيو ٠٨، ٢٠٠٧

ايام الصمت(قصه عن النكسه)0

ايام الصمت(قصه عن النكسه)0
كتبها (ذو النون المصري)0
...................................................
الخامس من يونيو عام 2007
في بلكونة منزلي
مرت الان اربعون سنه علي ذلك اليوم المشئوم ،،يوم الهزيمه و الذي حلا للبعض في ذلك الوقت ان يطلقون عليه اسم النكسه.تذكر حسن ذلك و هو يشرب شاي الافطار ،هو الان كبر اربعين سنه عنما كان في ذلك اليوم ..حيث كان لا يزال تحت العشرين ،و ابيض شعره كله و صار كانه الجليد و لا زال يعتقد ان لون شعره قد استحال الي الابيض كاثر من اثار ذلك اليوم ،،اليوم الذي خرجوا فيه حشودا هائله باتجاه سيناء للخلاص من العدو والقائه في البحر الي الابد ، و كان يستمع الي الشعارات التي يرددها الناس في الوطن العربي كله بدهشه و فخر ،كانوا يرددون الي البحر يا اسرائيل !!و يقولون :في العقبه كسر الرقبه!!!!؟
الخامس عشر من مايو عام 1967
في الصحراء في الطريق الي سيناء
لم نكن نعلم وقتها ما المطلوب تحديدا!!و ما الخطه التي يحملها القاده لتحقيقه ؟لكن الناس كانوا يعتقدون ان الحكايه
كلها يوم او يومين ،ثلاثه علي اكبر التقديرات و تدخل جيوشنا تل ابيب !!نعم لقد كانت ثقتنا في الزعيم لا تتزعزع و راه الجميع يتحدث بثقه عن النصر القريب كانه يراه امام عينيه اللامعتين بثقه معهوده عنه و كان النصر قد صار بالنسبة له في حكم الماضي و يبقي ان نراه نحن ايضا و باقي العالم كذلك و كان ينقصه فقط ان ترفعه الجماهير علي اكتافها كبطل قومي معهود و ان يرسل له حكام العرب التهانيء و كذلك باقي حكام العالم معترفين له بالزعامه العالميه
تعرفت في طرقي للميدان بعدد من الجنود ،كانوا جميعا مثلي لا نعرف شيء تقريبا عن الصراعات الدوليه و لا عن اسرائيل سوي انها دوله نشات علي ارض فلسطين بقرار من الامم المتحده لكننا جميعا عجزنا عن فهم كيف يمكن انشاء دوله بقرار و كلمه ،!لكننا بالرغم من ذلك كنا علي درايه بان هناك شيء خطا و اننا ذاهبون لتصحيحه بالحرب،و بالرغم من سعادة الشعوب العربيه كلها تقريبا الا ان هناك فئه كانت ترفض ما يحدث غير واثقين في اي نصر يمكن ان نحققه مؤكدين بان الجيش علي صورته هذه لا يصلح اصلا للحرب !!فهناك لواء كامل ذاهب للميدان بملابسه المدنيه و اغلب الجنود تم جلبهم من بيوتهم بلا سابق تدريبات و التسليح ناقص!!!!؟

1967عشرين مايو عام
علي الضفه الغربيه للقناه
ايام طويله من السفر و الحركه في الصحراء باتجاه تحقيق الامل المنشود !!امل القاء الوهم الذي اخافنا مده من الزمن في الصحراء ووصلنا الي الضفه الغربيه للقناه و عسكرنا هناك اربعة ايام بلا اي تغيات في الموقف
الرابع و العشرين من مايو عام 1967
داخل ارض سيناء
الاوضاع تتازم اكثر ،،سمعنا قائد الكتيبه يتكلم عن الحرب و يؤكد انه كان واثقا من الحرب و انها امر حتمي لكنه بدا في كلامه غير مطمئن ،،لانه حسب كلامه يخشي ان تتدخل امريكا في الحرب و معها بريطانيا ،لكن قائدا اخر طمانه بان السوفييت لن يتركونا وحدنا و دعمهم موجود لا محاله و لابد ان ناص قد دبر معهم هذا الامر
اول يونيو عام 1967
بالقرب من خط القتال
جلست مع جنود اخرين يتحدثون كلهم عن ثقتهم العاليه في النصر حتي ان احدهم قال ان القاهر و الظافر التي انتجها خبراؤنا في الصواريخ كافيه للنصر فاسرائيل بلد صغير ثلاثه من هذا و ثلاثه من ذاك كافيه لالتهام اسرائيل كلها و معها جزء من لبنان ،فضحك المجند ابراهيم و قال فلنضرب ثلاثه قاهر و اثنان ظافر حتي لا نجرح لبنان ،فضحك الجميع في نشوة من انتهي من حرب انتصر فيها و ظللنا في مواقعنا لا نفعل اي شيء لخمسة ايام اخري وقفنا فقط لا نعرف ماذا سنفعل و القاده ينتظرون الاوامر
الرابع من يونيو عام 1967
في سيناء
لم اكن اعلم لماذا اناوحدي دون باقي زملائي ينتابني الشك و الخوف مما يحدث فقد كان الابهام هو سيد الموقف و لا يدري اي منا اي شيء ،و كيف ندري و كيف نبحث عن المعرفه و الوعي و قد تركنا منذ زمن امر الدرايه و الوعي للقائد فهو ادري بمصالحنا و ما يصلحنا
الخامس من يونيو عام 1967
في المعمعه

فجاه و بدون مقدمات اعلن عن قيام الحرب و قد كان الجميع لا يتوقعون ان تقوم!!فجاه اعلنتها اسرائيل ،!!!اعلنت اسرائيل الحرب !!و اين نحن الم نكن من ذهب للانتهاء منهم و القضاء عليهم؟؟ اين القاهر و الظافر لماذا لم تنطلق باتجاه اسرائيل ،الطائرات الاسرائيليه تمر من فوق رؤوسنا بلا اي انتباه لوجودنا ،،..مستحيل انها لا ترانا لابد انها ترانا خاصة ونحن حشود هائله انها تستطيع ان تري الافراد فكيف لا تري الجيوش ؟ثم اين تذهب و من اين تجيء و اين طائراتنا و دفاعنا الجوي؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
الطائرات الاسرائيليه هاجمت بضراوه مطارات مصر باكملها في ساعه واحده حتي اهلكت المطارات كلها و اهلكت اي امل للسلاح الجوي المصري في المشاركه في الحرب و اي امل لباقي الجيش المصري في الثبات في الميدان ،و فقد القواد السيطره علي مجريات الامور و انتهي كل شيء فجاه!!اين الوهم؟؟؟ لم تهتم بنا طائرات العدو لانها كانت مشغوله بما هو اهم ،و نحن سنكون صيها السهل الذي لا يملك اي ملجا للهرب منها فيما بعد
السابع من يونيو عام 1967
مراكز القياده في القاهره
صدرت اوامر غير مدروسه للوحدات العسكريه كلها في سيناء بالانسحا ب الفوري من سيناء لعدم توافر غطاء جوي يحميها و فقدت القياده السيطره علي كل شيء و لم يبق في مقدورها ان تفعل اي شيء و كان الامر صادر بترك اسلحتنا الثقيله في اماكنها و الهرب بالاسلحه الخفيفه فقط ،فاصابنا الزعر و تركنا كل شيء خلفنا و هربنا بلا نظام رغم اننا لم نري اي مقاتل اسرائيلي حتي الان
الثامن من يونيو عام 1967
في صحرء لا نعلم عنها شيئا
في الظهيره هاجمتنا طائرات العدو و كنا الاف من الهاربين و اليات كثيره جدا معنا تحملنا الي الغرب و كانت هجماتها شديدة البشاعه ،فقد حصدت الاف من ارواح الجنود كما حطمت تقريبا كل الناقلات التي حملنا فيها الطعام و الماء لاجل الطريق قد كانت الهجمات ذات تاثير بشع في صفوف الهاربين ، فقد تحول جيش الهروب العظيم الي شلل بدلا من كتائب ،كل شله او مجموعه تعني بامر نفسها بمعزل عن باقي المجموعات و الشلل الاخري ،تحمل مصابيها و تعني بهم و تبحث عن زادها من الماء و الطعام و ما تحتاجه من زخائر لا نعرف ماذا سنفعل بها

التاسع من يونيو 1967
في صحراء اخري
نظرت خلفي فوجدت الاف الجثث المتناثره في كل مكان و هناك دخان ينبعث من كل مكان و النار مشتعله في الجثث ايضا و في بعض ناقلات الجنود والمدرعات المحترقه ونظرت الي بعض اوجه المحيطين بي من الجنود فوجدت ظلام الهزيمه يغطي وجوههم و علامات الزعر و الزهول هي التعبير الذي يغلف هذه الوجوه و الكثير من الجنود الذين لم تقتلهم الغارات الجويه اصبحوا مصابين فتعين علي زملائهم ان يسندوهم فكان السليم يسند المصاب و مصاب الزراع يسند مصاب الساق و مصاب الساق الواحده يسند مصاب الساقين باختصار كنا محطمين و لم يتجطم منا السلاح فقط فقد تحطم منا ما هو اغلي من السلاح
اذكر انني سمعت منذ مده اننا تحطمت فينا اشياء كثيره ،،فهل هذه الاشياء التي تحطمت قبل الحرب هي سبب الهزيمه ؟ رغم انني لم افهم ما الذي تحطم فينا و ماذا كان يقصد من يقول بهذا الكلام الا انني الان اؤمن بصدقه،اصبحت الان اشارك في سند زميل مصاب ،،اسمه اسحق ابراهيم و شاركني في سنده محمود من البحيره و كانت مجموعتنا او شلتنا التي اهرب معها مكونه من ثلاثة عشر فردا،و كنا بلا قائد لكن اسماعيل عبد الهادي كان يقوم فينا بامر القياده الفعليه فنظم المجموعه حتي نمر الي الغرب بسلام
في ليلة التاسع من يونيو اعلن الزعيم تنحيه لكن الجماهير ابقته في موقعه في تظاهره حاشده لكنهم لم يعلمواعنا شيء
العاشر من يونيو 1967
لازلنا في الصحراء نتجه حسب اتجاه الشمس الي الغرب
طائرات العدو التي كانت قد انتهت تماما من مطاراتنا قد بدات تغير اهدافها فصارت تبحث عنا كاهداف سهله و كانهم في رحلات صيد بالطائرات ،كنا تحت طائراتهم في حاله مزريه لا نملك اي رد لاننا بلا سلاح كانت ملابسنا تقريبا قد تهلهلت من الزل و كنا قد خارت قوانا لكننا سمعنا صوت طائرات و لم يكن لدينا اي امل في ان تكون مصريه ففزعنا كما حدث مع الغاره الاولي و جرينا كل فرد منا في كل الاتجاهات فقد كانت الصحراء مفتوحه و الارض التي نقاتل فيها خاليه حتي من التلال نختبيء فيها فاقتربت الطائرات و هاجمت فافترقنا كل في طريق نبحث فقط عن النجاه ..النجاه ..النجاه ..هي كل ما كنا نبحث عنه


الحادي عشر من يونيو 1967

بعد الغاره الثانيه

الغاره المشئومه قتلت الكثير جدا منا و تناثرت الجثث للمره الثانيه و النار تشتعل فيها بلا رحمه و فقدنا من مجموعتنا الكثير من افرادها و رايت منهم اثنان كانا قد ماتا اسحق ابراهيم والمصاب الاخر و لم اجد باقي زملاء الشله بسهوله وجدت منهم سبعه فقط و لا ندري اين ذهب الباقين ؟لابد انهم اندمجوا في مجموعات اخري كما اندمج معنا اثنان غريبان او ربما لقوا مصرعهم في الغارات ،

الثاني عشر من يونيو 1967

في الصحراء تحت شمي يونيو

قانون الباقء للاقوي صار هو القانون الوحيد الذي يعمل فينا عمله !!!فالطائرات تحصدنا من السماء و لا ينجو الا الشديد الذكاء الشديد القوه فقط الذي يستطيع ان يفر في لحظه الي اي نمكان بعيد عن القذائف و ربما اتيحت الفرصه لمصاب او ضعيف ان ينجوا اذا شاءت الاقدار ذلك

و بيننا نحن قد كان هذا هو القانون ايضا !!فالاقوياء تجدهم قد سبقوا الجميع في الحركه الي الامام و متوسطي القوي في المنتصف ثم الاقل في القوه في مؤخرة الصفوف ،لكن النجاه كانت تكتب احياني للاقل قوه اذ كانت الغاره الثالثه و هي الاعنف علي الاطلاق قد اتت علي الصف الامامي كله و قتلتهم كلهم تقريبا

هل كان الاعداء يقصدون ان يوفروا زخائرهم للاقوياء فقط؟و هل فكروا ان يقتلوا من بالاماما لانهم يريدون منا ان نمر عليهم مقتولين فنموت داخل جلودنا دون قتال او ذخائر؟؟؟؟؟؟؟؟


الثالث عشر من يونيو عام 1967
في الصحراء
طريق طويل جدا جدا لا نهاية له ،، يبدو فيه ان الهاربين يسدون الافق من الناحيتين ،الشرق و الغرب و الاليات المحطمه تملاء الان رغم اننا سرنا مسافات طويله جدا ،،ايا من السير الطويل لمئات الكيلو مترات ، لكننا وجدنا الكثير جدا من الاليات و المدرعات السليمه و المحطمه و المحترقه كما وجدنا الكثير جدا من الجثث تملا المكان ،،،،ما ابشعه من منظر؟لقد كانت طائرات الاعداء تتعقب الكل في كل مكان في سيناء!!انتابتني حالة غضب حزين و تمنيت ان اقابل احدهمزقتلوا كل هؤلاء و حطموا كل هذه الاليات دون ان نقابل اي احد منهم !!!ما هذه المعركه؟؟؟ما اروعه و ابشعه من نصر و هزيمه!!كيف تحسب علينا هذه حرب هزمنا فيها؟
طبعا كنا قد اهلكنا التعب و قررنا الاستراحه لاجل دفن زميل مات من التعب والشمس لكننا حينما ايقننا ان هذا المكان من مصايد العدو تركناه فورا و تركنا جثة زميلنا بلا دفن مع باقي المئات الغير مدفونين !!تركناه مع زملائه من الشهداء،و لحسن الحظ كانت هناك بعض ناقلات الجنود السليمه و فينا من يحسن القياده فتركنا المصابين يركبون حتي تتحرك بهم السيارات اسرع و نحرك نحن ايضا اسرع
الرابعه عشر من يونيو عام 1967
في الصحراء بالليل
كانت حركتنا في الليل افضل في بعض ظروفها من حركة النهار من حيث الحراره الشديده و التي قتلت وحدها الكثير من الجنود المرهقين نو انكشاف خط سيرنا امام العدو و الذي كان يبحث عنا مستميتا في قتل المزيد منا لاننا كنا رياضته المفضله و التي ربما لاتاتي ثانية،لكن حركة الليل لم تخلو من منغصات هي الاخري لان الليل هو منشط الزئابو بعض حيوانات الجبل و التي نشطت جدا في هذه الايام !!!!!!!كنت اسمع اصوات حشرجة الحيوانات و عواء الذئاب لكن الامر الذي افزعني انني فهمت الان سبب كثرة سماع اصواتها!!!!لابد انها رات في لحم قتلانا وجبات دسمه تكفيها لزمن طويل قادم لابد انها تشكر العدو الان
الخامس عشر من يونيو 1967
في الجبال و في الليل ايضا
اول مره افكر في اهلي في البيت ،،ماذا يفعل اهلي الان ؟هل يعتقدون انني لازلت علي قيد الحياه ام انتهي املهم في عودتي.؟حينما امعنت التفكير فيهم و في باقي اهلونا بكيت بحرقه لكن عيني لم تنزف اي دموع و سمعت فجاه زميلي اسحق ابراهيم يبكي بحرقه هو الاخر و كانه كان يخشي ان يكون اول الباكين و بعدنا بكي الكثير من الجنود و مضي ليلنا علي هذا الحال من البكاء المتواصل حتي نمنا و صحينا في الصباح مع اول ضوء للشمس كما يحلو للعسكريين ان يقولوا
السادس عشر من يونيو 1967
في الصحراء
في طريقنا للهرب تغيرت شللنا او مجموعاتنا كثيرا لان غارات العدو كانت تقتل منا الكثير و كانت هناك مجموعات كامله قد قتل كل افرادها و بعض المجموعات مات افرادها كلهم و بقي منها واحد او اثنان او ثلاثه و هكذا ،،اما مجموعتنا فقد مات منها اربعة افراد رايتهم بعيني منهم واحد مات بفعل الشمس لكن هناك اخرون لم ارهم فلا اعرف ان كانوا قد ماتوا ام لازالوا علي قيد الحياه في مجموعات اخري؟
السياره الناقله التي كانت امامي و اسير انا خلفها بناء علي رغبه احد زملاء مجموعتي والتي كانت مملوءه عن اخرها بالمصابين الذين علي وشك الموت و كانت هذه السياره قد توقفت اكثر من مره لانزال جندي مات في الطريق في اي مكان علي جانب الطريق لان الوقت لم يكن وقت حفر و دفن !!الوقت كان وقت بحث عن نجاه ، وكان ان توقفت السياده لتنزل مصابا قد قضي نحبه فوقفت محاولا التحدث مع زميلي لاطمئن عليه ففوجئت ان من انزلوه كان هو زميلي الذي اسير خلف السياده لرغبته في ان يبقي بجواره اي احد يعرفه ، فانزلوه فوقفت لا احرك ساكنا لبرهه ثم قررت ان ادفنه و حينما راي بعض الجنود ما افعل شاركني بعضهم باكين

السابع عشر من يونيو 1967
في الصحراء
سمعنا صوت هليوكوبتر ثم رايناها تحوم حول المكان ففهمنا ما سيحدث ،،انها و لا محاله غاره جديده ستحصد المزيد من الارواح بلا رحمه ،،ثم وقفت الهليوكوبتر و لم تذهب كما حدث في المرت الماضيه و فجاه ظهرت هليوكوبترات اخري في المكان الكثير منها ظهر ،،لقد استتب الامر و لم يعد فينا اي خطوره و لم تعد فينا قدره علي الجري و الفرار الان صيدنا رياضه للترفيه عن المحاربين!!!!طاردتنا الهليوكوبترات بالرصاص و الصواريخ ،اول شيء حدث امامي لحظة سماعي اصواتها و تيقن الجميع انها غاره فوجئت بالمصابين في السياره قد قفزاو فجاه علي غير المتوقع و نزلوا منها الي الارض لكنهم فشلوا في الحركه و كانت ان قذفتها احدي الطائرات بصاروخ ففتت من بقوافيها او بجوارها و كنت انا قد هربت الي بعيد ثم اتي الكثير من جنودهم الذين نراهم لاول مره منذ بدء المعركه فجروا خلفنا و نحن عزل من السلاح حتي قتلوا منا الكثير و كان من يختبيء منا في حفره اذا وجدوه قتلوه و اخذوا الكثيرين منا اسري لا ندري ماذا سيفعل هؤلاء بهم ؟لابد انهم سيقتلوهم !!0
ظلت الهليوكوبترات تتطاردنا الي مسافات طويله وكذلك جنود المشاه منهم يريدون اروح العدد الاكبر منا و كانهم يتريضون للاستجمام و كانت الهليوكوبترات تتحرك كانها تتحرك بلا بشر يقودونها ، كانها تسير من تلقاء انفسها بقلب حديدي و روح حديديه تطلب لنا الموت ثم تركوا القليل منا في النهايه لانهم كانوا علي ثقه باننا ميتون لا محاله و ربما تركونا كي نخبر من سنقابلهم بالرعب الذي رايناه فيكسبون المزيد
الثامن عشر والتاسع عشر و العشرين من يونيو 1967
في الصحراء القاحله
منذ مده و نحن ناكل من خشاش الارض حشرات و اعشاب و بعض حيوانات الصحراء ، الكل قرر ان يتحرك ليلا و نهارا حتي نزيد من فرص النجاه فازدادا الارهاق ن لا يعلم احدنا شيء عن الاحاول في بلادنا بالداخل و فكرت انا في اهلي للمره الثانيه و بكيت و بكي اسحق ابراهيم و بكي كل من يحيطون بي و يبدو ان البكاء كان كالعدوي ما ان يبكي احدنا حتي يبكي من حوله .
سرنا في الليل مسافات طويله غير عابئين بمن حولنا من الجنود فالكل كان يتحرك الي الامام ،في الصباح الباكر رايتني انا و اسحق ابراهيم نسند احمد عبد الله و معنا زميل جديد و لا احد حولنا!!!لابد اننا انعزلنا عنهم دون ان ندري ، صعد الزميل احد التلال كي يشاهد ابعد كان لكنه لم يري احد فازداد قلقنا،فسرنا علي هذا الحال اياما اخري
الواحد و العشرين من يونيو 1967
بين تلال و كثبان رمليه
لازلنا نحن الاربعه و احدنا مصاب و يكاد يموت ،و نحن ايضا علي وشك الموت من الشمس و التي بدات تشتد و كانها تحالفت مع العدو لقتلنا في هذا اليوم،صعدنا صخره مغطاه بالرمال و نحن نتحرك للهرب و في النزول تعثرت فتعثر اسحق فوقع الزميل المصاب علي وجهه في حفره صغيره كانت هي سبب العثره ، فقمنا كي نعدله فوجدنا ه قد مات فغطينا جثمانه نحن الثلاثه بالرمال وواصلنا الحركه
الثاني و العشرينو الثالث و العشرين و الرابع والعشرين من يونيو عام 1967
حركه بلا توقف في الصحراء و لا امل يراودنا في البقاء
تقريبا انتهي املنا في العوده و اصبح لدينا يقين بالموت مثلما مات الجميع ، نحن ثلاثه من الاف مات منهم الاف فما الذي يبقينا؟ الحكومه لم تسعي الينا حتي الان للحفاظ علي من بقي علي قيد الحياة منا فما الذي يعطينا امل في البقاء؟
لجانا الي كهف نحن الثلاثه و كانالامر شديد الصعوبه ان نبقي لمزيد من الوقت فخرج الزميل الجديد الي خارج الكهف كي يستريح قليلا الا ان اصوات الذئاب اعادته الي مكمنه ثانية و توقعنا ان تكون هناك المزيد من الجثث في مكان قريب من هنا
في الصباح و بعد ان استرحنا قليلا قررنا الاستمرار في التحرك الي الغرب وصلناها في الرباع و العشرين من يونيو و لم يكن الوصول سهلا بل كانت هناك طائرات تحوم و تحلق في كل مكان دون توقف لكننا افلحنا اكثر من مره في الاختباء حتي وصلنا الي القناه بالقرب من السويس
الخامس و العشرين من يونيو عام 1967
علي شط القناه الشرقي
كان يوما مشئوما فقد راينا حركة التهجير لابناء السويس فعرفنا ان الهزيمه كانت اكبر مما توقعنا و ان جيشنا لم يتحطم فقط بل سيناء كلها سقطت تحت الاحتلال و هناك اراض عربيه اخري احتلت ،،كدت اضحك حينما تذكرت نداءات العروبه و نوايا العرب في تحرير الارض التي اقاموا عليها الوهم المسمي اسرائيل فاكتشفنا ان الوهم هو نحن لا هم و كان هذا هو الاكتشاف الاسوا علي الاطلاق كان يتعين علينا ان نفترق نحن الثلاثه لان الكثير جدا من الناس يرغبون في العبور الي الضفه الغربيه للقناه و كان منهم الكثير من الجنود المزهولين ،رايت الكثير منهم و كلهم في حاله في غاية السوء و كانوا في حالة خجل من النفس و شك في الذات و شعور بالعجز و كانت مشاعر الاشفاق عليهم قد بدات تدب في نفوس الناس
السادس و العشرين من يونيو عام 1967
عبرنا القناه الي الجهه الاخري
عبرنا فرادي و لم نكن معا نحن الثلاثه لان الظروف كانت اقوي في تحديد من يعبر و من لا يعبر لكني رايتهم الاثنين يعبران قبلي فودعتهما و طمانتهما علي نفسي و انني سالحق بهما قريبا في نفس اليوم لكنني عبرت في اليوم التالي لهما
السابع و العشرين من يونيو 1967
عبرت بعدهم
انا من كفر الشيخ بعد ان عبرت القناه مع من عبر وجدت انه لا احد في انتظار الجنود العائدين من الهزيمه و هناك من سماها نكسه لا هزيمه و ان كل جندي ياتي عليه ان يسير مسافه اخري قد تطول او تقصر حسب مكان محافظته التي يعيش فيها ، و كان هناك من بحث عن اهله في السويس و الاسماعيليه و بورسعيد فلم يعثر عليهم لانهم قد تم ترحيلهم فاصابهم فزع اكبر من اي شخص اخر لانهم لا يعرفون الي اين تم ترحيل اهلهم و لا اعتقد انهم عرفوا اين هم و اهلهم ايضا لايعتقدون انهم عادوا احياء من الجبهه ، اما انا فقد كنت اسعد حظا !!فقد تحركت سيرا علي الاقدام الي كفر الشيخ و هي مسافه تزيد عن ثلاثمائة كيلو متر اخري لكن الامن فيها افضل
ما بعد السابع و العشرين من يونيو 1967
في الطريق الي البيت
رغم الامن الذي كان يحف الطريق الي البيت الا ان امرا اخر شغلني ،،لقد قررت ان لا اترك اي مدني يراني في الطريق فقد كان الخجل هو الشعور الجديد و كان ياكلني ،،نظره واحده من مدني كانت تاكل وجهي و لا تترك فيه شيء يدل علي مظاهر الحياه
الثالث من يوليو عام 1967
علي مشارف قريتي
اخيرا وصلت الي قريتي و كان موعد وصولي نهارا بعد العصر بقليل و سمعت فيها اذان العصر و كان ان رفضت ان ادخلها نهارا و انتظرت حتي يخيم الليل علي القريه و ينام الناس ثم ادخلها و حدث ما قررته و في طريقي الي البيت في اول الشارع عرف الناس ان عائدا من الجبهة قد اتي فظلوا ينظرون في وجهي كثيرا عن بعد كي يتعرفوا علي و اتضح لي ان هناك الكثيرين قد عادوا و ان هذه العوده بالليل شيء قد صار مالوفا لديهم ،فقد عاد الكثير من ابناء القريه قبلي و الكثير من ابناء القري المجاوره ،فطار خبر وصولي الي البيت فور ان تعرف علي الناس و قابلتني امي و اهلي في الشارع فالقيت وجهي في احضانهم كي اخفيه و انفطرت في البكاء و بكي كل الناس
الرابع من يوليو عام 1967
في البيت
نمت و الاحلام تفزعني كلما استغرقت في النوم فاصحوا و في اليوم التالي حاول اهل البيت ان يخففوا عني المراره رغم انهم زاقوها ايضا ولازال طعمها في حلوقهم و ربما استمر لازمان قادمه،،حاولت امي ان تفرفش الجو من حولي فحاولت ان استجيب لها تطييبا لخاطرها لكني كنت مغموسا بالمراره
سمعت بعد ذلك بيومين ان بعض من عاوا ماتوا في بيوتهم يوم عودتهم
..................................................
قصة ايام الصمت
تاليف ذو النون المصري
ملاحظه/ساحاول ان اكتب جزء ثان لها في ذكري العبور المجيد
.......................





هناك ٢٣ تعليقًا:

yasmina يقول...

قصة ممتازة فعلا تصور واقعا وماضيا مؤلما قد طالنا جميعا

اللهم انقذنا وحرر الاقصى يا رب
تحياتي لقلمك فانت كاتب لك مستقبل بارع بغض النظر عن الموضوع

سلام

Xee يقول...

العزيز ذو النون

انت كاتب موهوب بجد، قصة رائعة و ملخص رائع لسير الأحداث في هزيمة 67

أحييك على هذا الابداع

تحياتي
زي

محمد عـنـانـى يقول...

اتابعك من بعيد
واكتشافت علاقتك
علاقتك با الكتابه
مسرحيات وكتابات رائع
طريقه عرض القصه جيد واحياك عليها
ولكن لا تغيب
اما عن حقنا طول ماحنا عارفينو وشايفينو فى ايد غيرنا
ثق النار بتقوى جوى قلبى وحقنا هنجيبو انا شاء الله
تحياتى يا غالى

ذو النون المصري يقول...

ياسمينا
اشكرك جدا و يارب امين
تحياتي

ذو النون المصري يقول...

xee
اشكرك جدا
انا حبيت اكتب القصه و اعرف رايكم فيها لاني اول مره اكتب قصص
اشكرك جدا
تحياتي

ذو النون المصري يقول...

محمد العناني
يااااااااااااااه
انت فين ياعم
و خلصت امتحانات و للا لسه
اكيد طالما رجعت يبقي اكيد خلصت
انا طبعا منسيتش حد و لا نسيتك ابدا
لكن كنت مستني انك تنتهي من الامتحانات
عموما عود احمد
تحياتي

farfasha يقول...

انا عامله فكره جديده ويارب تعجبك
ياريت تقولى رايك فيها وماتنساش تشارك باى ذكرى عاوزها
استفتح بيك يعنى
تحياتى

دنـيـا محيراني(ايناس لطفي يقول...

قصه جميله يا نون و اسلوب تسلسلها حلوي قوي انا لم احس بملل نهائيا بل حبيت اقراها لنهايه انت اكيد مشروع قصاص قادم ان شاء الله

AHMED SAMIR يقول...

مش عارف ليه 5 يونيو السنة دي جاي بطعم حزين اكتر من كل سنة
يمكن علشان احنا حاسين اصلا بنكسة داخلية وحزن داخلي؟
مش عارف
عموما مجهود اكتر من رائع
تسلم
تحياتي واحتراماتي

ذو النون المصري يقول...

فرفشه
ماشي
هزورك و اعرف ايه الموضوع و الفكره و هشارك انشاء الله
لكن مقولتيش رايك في موضوعي ليه ؟
تحياتي

ذو النون المصري يقول...

دنيا
انا سعيد جدا برايك و تعليقك
دي اول قصه باكتبها في حياتي
و مفكرتش قبلها اكتب قصص
و مش عارف ليه النكسه بالزات اللي باكتب عنها
تحياتي

ذو النون المصري يقول...

ا/سمير
انا فعلا حاسس انها غير كل مره
جايز علشان الرقم بيننا وبينها كبر قوي و احوالنا رجعت ليها مره تانيه
اربعين سنه و انتصرنا و بالرغم من النصر الا اننا لم تتغير احوالنا و كانا لازلنا في اجواء النكسه
تحياتي

سندباد يقول...

تحياتي الخالصة لابداعك الجميل رغم ما في البوست من ماساة
انما اللي يعزيما ان هناك بوست قادم بالانتصار ونحن في انتظاره

مريم يقول...

احلى حاجة فيها انها عيشتنى فى لحظات الهزيمة
كأنى شاهدت الحرب والموت
شىء مؤلم فعلا
بس فعلا جميل وبما انها اول مرة
اسمحلى انقدك
انا حاسة انك قريت كويس عن الفترة دى عشان
تكتب عنها وفعلا مكتوب بدقة
بس اكيد مع الوقت السرد عندك هيتتطور
ويبقى اكثر حميمية
اوعى تفتكرنى بتفذلك
انا عبيطة جدا والله
بس انا تفاعلت مع النص ولازم اديك حقك
شكرا

ذو النون المصري يقول...

سندباد
اشكرك جدا علي كلماتك و سعيد جدا برايك و زيارتك
تحياتي

ذو النون المصري يقول...

مريم
اشكرك جدا
مفيش فزلكه و لا حاجه
احنا مع بعض كمدونين بننقد بعض بصراحه و نتمني ان كلنا نتطور و نتقدم
انا سعيد جدا برايك و زيارتك
اشكرك جدا
تحياتي

^ H@fSS@^ يقول...

عزيزي ذوالنون
اكاد اشعر انك كنت من العائدين بانفسهم من النكسة
وصفك قريب جدا و سلس
اشكرك بجد
مستنية منك قصة العبور زي ما قلت يوم 6 اكتوبر 2007 و اهو بالمرة نحتفل بمرور سنة بالظبط على انشائنا مدوناتنا
تحياتي

ذو النون المصري يقول...

صفصف لادي
ياااااااااااااه
انتي فاكره يون و ذكري انشاءالمدونات يوم 6 اكتوبر؟
انا فكرتك نسيتي و كنت ناوي استني لما يجي يومها و اعتبك انك نسيتي
كنت فاكر ان المدونه الضائعه و التجديدات خلتك تنسي هذا التاريخ
عموما انا سعيد انك فاكراه و ناويه علي حفله
لازم طبعا ننسق و نحضر للاحتفاليه دي
و كلامك طبعا شجعني اني افكر اكتب الجزء الثاني من القصه بمناسبة العبور
تحياتي

Monzer يقول...

آسف على التحليق خارج السرب
ولكن إيماننا بدفاعكم عنمبدال الحرية
ندعوكم للتضامن مع عمر الشرقواى المعتقل فى قسم طلخا

إثر قيامه بتغطية انتخابات مجلس الشورى
وجزاكم الله خيرا

ذو النون المصري يقول...

hapasa
لا تحليق خارج السرب علي الاطلاق
و نحن متضامنون مع اي زميل من المدونين يقع في اي محنه
اشكرك علي هذه الدعوه
تحياتي

ذو النون المصري يقول...

هيباتيا
اشكرك جدا علي التنويه و الحرص علي اخطارنا بتغيير العنوان
و اسعدتني جدا هذه الزياره
تحياتي

منة الله يقول...

ذو النون


ادعوك للمشاركة في استطلاع راي

عن اكثر عشرة مدونات تاثيرا في قرائها

عل مدونتك واحدة منهم

اليك الرابط

http://www.6ef.blogspot.com/

ذو النون المصري يقول...

منة الله
اشكرك كثيرا علي الدعوه وساشارك انشاء الله
تحياتي