التعادليه مع الاسلام

التعادليه مع الاسلام

..........................

تاليف/توفيق الحكيم

.

.

.

ما هي الارض؟..الارض هي كره تعيش بالتوازن او التعادل بينها و بين كره اضخم ...هي الشمس ..فاذا اختل هذا التعادل ابتلعتها الشمس او ضاعت في الفضاء

التعادل اذن هو الحقيقه الاولي لحياة الارض.و الانسان ايضا كذلك لانه يعيش بالتنفس الذي هو حركة تعادل بين الشهيق و الزفير ...فاذا اختل هذا التعادل ،بان طال الشهيق اكثر مما ينبغي ،طاغيا علي الزفير ،او امتد الزفير اطثر مما ينبغي جائرا علي الشهيق ،وقفت حياة الانسان...فاذا تركنا التركيب المادي الي التركيب الروحي ،و جدنا عين القانون .فالتركيب الروحي ايضا له شهيق و زفير فيما نسميه الفكر و الشعور ...او بعباره اخري :العقل و القلب

...................................................

و الحياه الروحيه السليمه هي تعادل بين الفكر و الشعور .و ما يطلق عليه الامراض العصبيه و العقليه ما هو الا اختلال في هذاالتعادل :اما بتضخم الشعور تضخيما يلغي الي جانبه او يعطل عمل الفكر ،فيرتد الانسان طفلا في اعوامه الاولي ...و اما يطغي الفكر و يكبت الشعور ،فترتبك اداة الادراك في الانسان

....................................................

ازمة الانسان في هذا العصر هي نتيجة اختلال في تركيبه التعادلي

الحيوان في اعلي مراتبه لا يدرك فكرة الارقي بل يدرك فكرة الاقوي ،فالعالم بالنسبة له كائنات ضعيفه يتغلب عليها يتغلب عليها ،او مماثله له في القوه ،او اقوي منه يتحاشي مواجهتها ،و القوه عنده بدنيه بحته

اما الانسان فهو يدرك فكرة الارقي اي الاقوي زهنا و روحا وهو يري فيما حوله ما يدل علي وجود الارقي ،فهو يتشوق حنينا الي احد غيره و ما فكرة الاطباق الطائره الا دلاله علي ذلك .فالانسان يامل ان تكون اتيه برساله من عالم افضل و كائنات ارقي ،كملطف لشعوره الذي جف لجفاف منابع الدين ،و يريح الانسان من قلقه و يخرجه من ضيقه بوحدته في هذا الكون

...........................................

يخشي الانسان دماره المادي بيده هو نفسه بعد ان ذادت قدرته زياده هائله ساحقه يخشي ان تفلت من يده ،و اذا افلتت فقد هلك ،و هذه القدره لا يلجمها غير حكمته

..........................................

نحن نسال العقل ان يصنع لنا صورة الله فيخفق ،فبدلا من ان نضحك و نهزا بالعقل ،نضحك و نهزا بفكرة الله !..؟

...........................................

الحيوان يولد مكبلا بالمعرفه المتحجره اي الغريزه ،و الانسان يولد مجردا ...اي حرا !...و عليه ان يكتشف المعرفه من جديد في كل مره يولد

الانسان لم يفرض عليه نوع معين من المعرفه يقيده و يكبله طول حياته و يجبره علي صنع شيء بعينه طوال حياته علي نحو خاص لا يملك تغييره او ان يتجنبه او يحيد عنه

.....................................

الاقتناع ليس وظيفة القلب ...لان معناه انه جاء بعد شك ...و القلب لا يشك لانه لا يفكر ...انه يشعر ...انه فجاه يضيء كمصباح الكهرباء

.....................................

ادراك الحيوان لوجود الاقوي هو الذي يحمله علي اكتشاف منابع قوته الزاتيه ،و تنميتها و اعدادها لساعة المواجهه و اللقاء

الشعور بوجود الاقوي ينشط القوه ،و كذلك الشعور بوجود الارقي عند الانسان ينشط الرقي

...................................

اما ينجح الفكر في توجيه العمل ،و اما ينجح العمل في خنق الفكر

اما ان يظهر سلطان العمل فيخضع الفكر لارادته ...و اما ان يظهر سلطان الفكر فيوجه العمل حسب مشيئته ...و اما ان يحتفظ كل منهما بسلطان معادل تجاه الاخر ،فيكون التوازن الذي يحد من انفراد احدهما بالسيطره انفرادا طاغيا

...............................

بغير الغير لا يوجد وجود

اذا احس الانسان من نفسه عجزا طبيعيا خطيرا فليسال نفسه ما دمت عاجزا ضعيفا في هذه الناحيه ،فلابد اني قوي قادر في ناحيه اخري ...ما هي ؟

لا يوجد انسان ضعيف ...و لكن يوجد انسان يجهل في نفسه مواطن القوه المعوضه ...فقم و قاوم و ابحث عنها و كافح لاظهارها و تنميتها لتعادل بها عجزك و ضعفك ...يوم تنهض الانسانيه كلها لتفعل ذلك ...كم من مناجم للقدره ستتفجر لتعوض عن ماسي العجز البشري

احتفظ بقوتك الخاصه مستقله حره ،لتعادل بها و تقابل القوي الاخري التي تريد ان تبتلعك ...بذلك تقاوم و تتحرك و تحيا!....0

.........................................

اذا كان لديك ضعف و نقص ،فابحث جيدا في انحاء نفسك ،فستجد فيها قوه خفيه معادله و زياده كامنه مقابله ...عادل وجودك كما فعلت ارضك ازاء الشمس !...وازن نفسك تجاه القوي المواجهه و الا ابتلعتك في جوفها ،و اصبحت لها وقودا و طعاما ...و صرت عدما !...

...................................

دعاء التعادليه: يامن بيده نفسي ...اللهم اجعل عقلي يفهم حكمتك و اجعل قلبي يصل الي

............

نورك
_____________________________________________________________

اعداد/ذو النون المصري

ملاحظه/هذا هو ثاني كتب توفيق الحكيم التي نقدم لها هنا والكتاب الاول كان /فن الادب في شهر ديسمبر الماضي

----------------------------------------------------