الثلاثاء، أبريل ٢٩، ٢٠١٤

المدرس الناجح

ان المدرس المقيم علي مبعدة اميال من تلامذته قد يؤثر في روحهم  بطريقة الحياة التي يصطنعها .فلو قد كنت كذوبا اذن لكان من العبث الذي لا طائل تحته ان اعلم الاطفال التزام الصدق .و المعلم  الجبان لن يفلح ابد الدهر في جعل غلمانه شجعانا ،و الجاهل للكبح الذاتي لا  يستطيع عمره كله ،ان يعلم طلابه قيمة كبح الذات.و هكذا رايت ان علي  ان اكون امثولة حية سرمدية للفتيان و الفتيات العائشين معي.و هكذا اصبحوا هم معلميّ،و تعلمت ان اكون صالحا و ان احيا حياة مستقيمة ،و لو من اجلهم فحسب.
...............
كتاب/قصة تجاربي مع الحقيقة
تاليف/غاندي
..............
ص393
.............

السبت، أبريل ٢٦، ٢٠١٤

اصحاب السفينة

...........
كانت العاصفة التي فاجاتنا عنيفة جدا و متطاولة جدا حتي لقد دب الذعر في نفوس الركاب .كان مشهدا مهيبا .لقد اصبح الجميع رجلا واحدا في وجه الخطر المشترك .لقد نسوا خلافاتهم ،و بداوا يفكرون في الاله الواحد ،مسلمين،و هندوسا،و نصاري و غيرهم.و نذر بعضهم نذورا مختلفة.و اشترك البران مع المسافرين في صلواتهم .فقد اكد لهم انه _علي الرغم من ان العاصفة لم تكن خلوا من الخطر _ عرف في حياته العملية عواصف اسوا،و اوضح لهم ان الباخرة المنشاة انشاء مكينا قادرة علي الصمود لجميع الحالات الجوية تقريبا .و لكن توكيدات الربان عجزت عن التخفيف من روعهم.فكل دقيقة كنا نسمع اصواتا و قرقعات تؤذن بحدوث فروج و صدوع .و اهتزت السفينة و دارت الي حد بدت معه و كانها ستنقلب  في ايما لحظة ،راسا علي عقب .و لم يكن ثمة مجال  لان يبقي احد علي ظهر السفينة . و كانت الشفاه كلها تهتف بعبارة"ما شاء الله كان"ليس غير.و لا شك ان اربعا و عشرين ساعة تقريبا  كانت قد انقضت علينا ،في ما اذكر ،و نحن في غمرة من  ذلك البلاء .و اخيرا صحت السماء ،و اطلت الشمس،و قال الربان ان العاصفة قد انحسرت ،و اشرقت وجوه الناس بالبشر ،و بزوال الخطر زال اسم اله عن شفاههم ،و انغمس الناس من جديد في الاكل و الشرب و الغناء و الطرب.لقد ولي الخوف من الموت ،و حلت ال"مايا"(الوهم و الغرور الخادع) محل النزعة المؤقتة الي الصلاة المخلصة .لقد ادي كثير من المسافرين طبعا ،الصلوات المعتادة في مواقيتها ،و لكنها كانت خلوا من جلال تلك الساعة الرهيبة.
...................
كتاب /قصة تجاربي مع الحقيقة
تاليف/غاندي
.......................
ص221
.................

الأربعاء، أبريل ٢٣، ٢٠١٤

نهاية النهايات

انا اذهب الي ان نهاية النهايات في الجهل، اعتقاد المرء ان العمل الجنسي وظيفة مستقلة ضرورية كالنوم  او الاكل .ان العالم يعتمد في وجوده علي العمل التناسلي ،و لما كان العالم هو ملعب الله و انعكاسا لمجده ،فان العمل التناسلي يجب ان يضبط ضبطا يكون فيه الخير لنمو العالم علي نحو منظم .و كل من يدرك ذلك خليق به ان يسيطر علي شهوته باي ثمن.
..................
كتاب /قصة تجاربي مع الحقيقة
تاليف /غاندي
..............
ص240
..............

الثلاثاء، أبريل ١٥، ٢٠١٤

حين ينقطع الرجاء

حين ينقطع الرجاء كله ،و "حين يعجز المسعفون و تعز السلوي ."اجد ان العون يهرع الي بطريقة ما ،و من مكان لست ادريه .ان الابتهال ،و التعبد ،و الصلاة ليست خرافة .انها اعمال اكثر واقعية من اعمال الاكل، و الشرب ،و القعود، و المشي .و ليس من المبالغة ان نقول انها هي وحدها الحقيقة،و كل ما عداها غير حقيقي.
و مثل هذه العبادة او الصلاة ليست نوبة من نوبات الفصاحة ،و ليست خشوعا شفويا .انها تنبثق من القلب .فاذا حققنا اذن طهارة القلب حين"يفرغ من كل شيء الا الحب"و اذا ابقينا جميع الاوتار في تناغم صالح فان هذه الاوتار "تتواري مرتعشة ،بالموسيقي ،عن الانظار".ان الصلاة ليست في حاجة الي الفاظ .انها في ذات نفسها مستقلة عن اي جهد جسدي حسي .و ليس عندي اضال شك في ان الصلاة وسيلة ناجعة لتطهير القلب من الاهواء .و لكنها يجب ان تكون مقترنة باعظم قدر من الاتضاع.
............
كتاب /قصة تجاربي مع الحقيقة
تاليف/غاندي
..................
ص93
...............

الجمعة، أبريل ١١، ٢٠١٤

كلام تجار

...............
سمعت التجار دائما يقولون ان الصدق غير ممكن في التجارة .و لم اكن اعتقد بهذا ،انذاك،كما اني لا اعتقد به الان.و حتي اليوم،يعتقد بعض اصدقائي من التجار ان الصدق يتنافي مع التجارة .فهم يقولون ان التجارة مسالة عملية جدا،و ان الصدق مسالة من مسائل الدين.و هم يجادلون ذاهبين الي ان المسائل العملية شيء،و الدين شيء  اخر.انهم يزعمون ان الصدق الخالص لا محل له  في التجارة ،و ليس في استطاعة المرء ان ينطق به الا بقدر ما يراه مناسبا .و لقد ناقشت هذا الموقف مناقشة قوية في خطابي ،و نبهت التجار الي واجبهم المزدوج ،قائلا لهم ان وجودهم في بلد اجنبي  يجعل واجب  الاعتصام بالصدق اعظم و اخطر ،لان مسلك عدد قليل من الهنود كان هو المقاس الذي يتخذه اهل ذلك البلد لتكوين فكرة عن مسالك الملايين من الهنود المقيمين في الوطن.
.............
كتاب /قصة تجاربي مع الجقيقة
تاليف/غاندي
...............
 ص154
..............

الثلاثاء، أبريل ٠٨، ٢٠١٤

بحث عن الايمان

كنت عاجزا عن الايمان بان يسوع كان ابن الله المجسد الوحيد ،و عن الاعتقاد بان من امن به هو وحده  الذي سينعم بالحياة السرمدية .فاذا كان من الجائز ان يكون لله ابناء ،فنحن جميعا ابناؤه .و اذا كان يسوع مثل الله ،او اله نفسه ،فعندئذ يكون جميع الناس مثل الله، و يمكن ان يكونوا الله نفسه  .ان عقلي لم يكن مستعدا لايمان ،حرفيا ،بان يسوع كفر بموته  و بدمه  عن خطايا العالم .قد يكون في هذا بعض الحقيقة ،من الناحية المجازية.و فوق هذا تذهب النصرانية الي ان للبشر وحدهم _من دون سائر المخلوقات الحية_ارواحا فاذا ماتت تلك المخلوقات كان الموت بالنسبة اليها فناء كاملا.علي حين كنت اقول بمعتقد مضاد .كان في استطاعتي ان ارتضي المسيح شهيدا ،ان ارتضيه تجسيدا للتضحية،ان ارتضيه معلما الهيا،و لكن لم يكن في استطاعتي ان اقبل به بوصفه اكمل انسان قدر له ان يري النور علي سطح هذه الارض .كان موته علي الصليب امثولة عظيمة للعالم ،لولا ان فيه شيئا كالفضيلة الخفية او الاعجوبة ما كان قلبي بقادر علي قبوله .ان حيوات المسيحيين التقية لم تقدم الي شيئا عجزت حيوات الرجال المنتسبين الي اديان اخري ،عن تقديمه.فقد رايت في حيوات اخري صنو ذلك الاصلاح الذي سمعت النصاري يتحدثون عنه .فمن ناحية فلسفية ،لم يكن ثمة شيء خارق للعادة في المباديء المسيحية .و من ناحية التضحية ،بدا لي ان الهندوس فاقوا النصاري بمراحل بعيدة .كان من المتعذر علي ان اعتبر النصرانية دينا كاملا ،او اعظم الاديان جميعا.
................
كتاب /قصة تجاربي مع الحقيقة
تاليف/غاندي
................
ص165
...............

الأربعاء، أبريل ٠٢، ٢٠١٤

قوة الحواس

..............
الحواس هي من القوة العارمة بحيث لا يمكن ضبطها الا عندما تُسور من جهاتها جميعا ،من فوق و من تحت.و من الامور المعروفة انها تكون  طعام ،و هكذا فلست اشك في ان الصيام ،اذا اتخذه المرء وسيلة الي ضبط اللحواس ،مسعف الي حد بعيد .و لكن الصيام لا يجدي في بعض الناس ،لانهم اذ يفترضون ان الصيام الالي وحده سوف يمنحهم  الحصانة فانهم يحرمون اجسادهم من الطعام و لكنهم يمتعون عقولهم بمختلف ضروب اللطائف ،مفكرين دائما في الذي سوف ياكلونه و الذي سوف يشربونه عند انقضاء الصيام .ان مثل هذا الصيام لا يساعدهم لا علي ضبط حاسة الذوق و لا علي ضبط الشهوة الجنسية .الصيام يكون مسعفا عندما يتعاون العقل مع الجسد الجائع ،يعني عندما ينمي كراهية للاشياء التي تحرم علي الجسد .ان العقل ماثل في النزعات الشهوانية كلها .و من هنا فان للصيام جدوي محدودة ،لان الصائم قد يواصل الخضوع لتيار الشهوة .و لكن في الامكان القول ان اخماد الشهوة الجنسية مستحيل ،دائما ،من غير صيام.
...................
كتاب /قصة تجاربي مع الحقيقة
تاليف/غاندي
..................
ص246
.............