تاخرت كثيرا في الكتابة عن رحلتي حاجا الي مكة المكرمة العام الماضي _1430_،رغم ان هذا الحدث الاكثر اهمية في حياتي كلها قد مضي عليه عاما كاملا ،و اعتقد ان ما مضي هو مجرد زمن يمر كعادة الايام في المرور لكن الحج كحدث عشته لا يزال باقيا في نفسي !لم يزل هناك في الاعماق.و اعتقد ان ما صار بيني و بين هذه الرحلة اكبر مما بين كوكب و شمسه التي يدور حولها !!فتظل قابضة علي كل حركته حولها بقبضة من جاذبيتها الحديدية فيظل بدوره يدور حولها الي ما شاء الله له ان يدور ،ربما يظل مجذوبا نحوها حتي نهاية الكون.
تاخرت لان الموضوع اكبر من ان استوعبه حتي اكتب عنه حتي انني قررت عدم حكي هذه الرحلة اساسا لانني ايقنت بانني لن استطيع تقديم اي وصف يعبر حقيقة عن روح هذه الرحلة المقدسة .كيف ساصف مشهد حجاج البيت و هم يخرجون من بين الجبال جماعات جماعات بملابس الاحرام و كان اسرافل نفخ في الصور فايقظ البشرية من قبورها ليوم الحشر كانهم الي نصب يوفضون؟ كيف ساصف مشهد الطواف حول الكعبة –و ليس من سمع كمن طاف_ و قد شعرت حين رايته بانني خرجت من بشريتي و فنيت الي ذرات تطايرت في ارجاء الكون كله؟و كيف ساصف مشهد الزحف الي مني او الي عرفات او الي الجمرات ؟كل هذا يمنع من راه من الكتابة عنه.
فقلت انتظر ربما استطعت اذا مر الوقت حتي مرت شهور و اوشك موسم الحج الجديد ان يبدا و رايت انني لن استطيع الكتابة بدقة في كل الاحوال حتي لو مرت سنين !!فقررت الكتابة قدر الاستطاعة .
منذ ان فكرت في الهجرة ..رايت الكثير من الشباب يودون السفر الي السعودية لكني كنت افضل تجربة الامارات معتبرا انها افضل حسبما سمعت من غيري الا ان ردهم في كل مرة :نريد السعودية كي نحج. و كنت اعتبر رغبة شاب في الحج سابقة لاوانها ،فليفكر اولا في تكوين نفسه ثم يفكر في الحج،و كنت كلما سالني احدهم اقول :اشعر انني غير مطلوب ،و اسمي لم يُنَادي بعد و غالبا لا يفهم من سمعني معني ما قلت.حتي هاجرت و وجدت زملائي في العمل يستعدون للسفر كجماعة واحدة للحج ،فققرت لحظتها ان احج و شعرت انني مطلوب و انني قد نُودِيت و عَظُمَشوقي لزيارة بيت الله ،فبدانا ترتيب اجراءات هذه الرحلة العظيمة.
اشتريت ملابس الاحرام و الحزام و رتبت كل احتياجاتي ،و سافرنا برا من الدمام .في الحافلة كان الكل في حالة دائمة من الذكر،تعودنا علي الذكر كل يوم لكنه كان مختلفا جدا هذه المرة لا ادري لماذا اختلف؟كان هناك شيء من الله اصابنا غَيَّرَ من تكويننا النفسي طوال طريقنا الي مكة و كان ارواحنا شَفَّت و زال عنها بعض اثقال الجسد فانطلقنا نذكر الله كما اراد لنا ان نذكره في اي وقت،و ظلت حالة الذكر مستمرة حتي وصلنا الي الميقات و هو المكان الذي سنخرج منه من كل ما يتعلق بالدنيا و مشاغلها الي عالم جديد سنتغير فيه الي بشر اخرين!!وصلنا الي (السيل الكبير او قرن المنازل )كما يسميها اخرين.
مشرف الرحلة و منظمها _وهو مصري و مشرف تربوي بالمدرسة التي اعمل بها في نفس الوقت_قال :هنا سننزل كي للاستراحة و الاحرام ثم نلتقي بعد ساعة حتي نكمل طريقنا الي مكة،و في اقل من ساعة كنت قد تجهزت و اتممت كافة الاستعدادات
هناك تعليقان (٢):
الحمد لله
هذا ما أكرره كلما تذكرت تلك الرحلة
التي هي من اجمل رحلات العمر,,
والتي تذكرتها هنا في حنايا رحلتك,,
جعلنا الله واياك ممن رجعوا منها كيوم وُلدوا,,
لوسي
سعيد جدا بتعليقك
تحياتي
و كل عام انتم بخير
إرسال تعليق