رواية /البشموري
تاليف/ سلوي بكر
...........................
فليكنس كل انسان خطاياه بصلاته ،و ليتطهر اثم الاثمين بملكوت الرب الرحيم.
ص10
شغلي في الكنيسة ليس صلاة ؛لان الصلاة صلاة و الشغل شغل.
ص15
انت لا تدرك ما يفعله الجوع في الانسان،و كيف يحوله من الحالة الانسية و يدخله في الطور الوحشي .
ص26
الواحد منا بداخله بحر عات مضطرم نو قد تنازعته الاهواء ، وشتتته الافكار.
ص30
اكل الياس روحي شيئا فشيئا ،حتي سلمني الي الضياع ،فاخذت اقول لروحي انه لا جدوي من هذه الحياة ،و لا معني لها ؛فهي شيء كالكذب ،لا يقين فيها ، ولا امان لايامها .،فهي تظهر للمرء وجه السعادة ذات مرة ،لكنها سرعان ما تريه جل التعاسة في مرة اخري .
ص31
ان الحجاب عليَّ منّي ،و اني الغمامة علي شمس نفسي .
ص118
هذا من حسنات الزمان و قوته ..فهو يغير كلما مر سحنات البشر و يبدلها ،دون ان يشعر بذلك الا من يتامل نفسه و يطالعها كثيرا،فمن كنت تعرفه في طوراليفاعة و الصبا نقد لا تعرفه عندما يكبر و يشيخ ،و للقدير في ذلك حكم.
ص137
لن اعيش عبدا في ارضي ،ملزما بدفع دينارين و ثلاثة ارادب حنطة،و قسطي زيت و قسطي عسل و قسطي خل من كدي و عرقي ،و ان البسهم مما اصنع جبة صوف و برنسا و عمامة و سراويل و خفين لزاما فرضا ،لا و الله لن اعيش مع كل هذا ابدا ،و ليسامحني الرب ان كنت قد خالفت ما ارتاه ابونا في مصر العتيقة،و ليرحمني الغفور،ان كنت قد عصيت له امرا رغما عني ؛لان الرب لا يرضي الظلم ،و هو الحاكم لنا و مقدر معاشنا و مماتنا ،و ليتولنا برعايته و رحمته الواسعة و يقضي بنا امره و نحن له الطائعون ممتنون.
ص147
مهما كانت رداءة الخرق ،فانها لا يمكن ان تخفي حسن الخلق.
ص148
للاوطان ملمسا و روائح و صور مجسمة ،محسومة لا يمكن ان تغيب عن الحواس و النفس،مهما تباعد الوقت و طال الزمان.
ص169
و ليكن اتكالي علي الرب وحده ،و انا في هذه البرية الموحشة وحيدا غريبا كفرخ سمك صغير في شبكة صياد هائلة.
ص179
سبحان مغير الاحوال بين عشية و ضحاها.
ص181
ثم ان المجدفين بداوا في التجديف و السير ،و اخذت المراكب تندفع الي عرض الماء مبتعدة عن الشط ،و بدا بر مصر يغيب عن ناظري شيئا فشيئا ،و انا شاخص اليه لا احيد بنظري عنه ،و كلما كانت صورته تتضاءل ة تبهت امامي كانت ترتسم داخلي و تقوي فيه قوة لا حد لها ستبقي معي ما حييت.
ص206
صبرا لدهر نال منك فهكذا تمضي الدهور
فرح و حزن بعده لا الحزن دام و لا السرور
ص234
اذا كنت ابيت علي ما اصبح ،و قد اتصل زماني ،و لم يعد لي من الامكان مفارقة مكاني ،فصرت كالعائش الميت ، او الميت الموجود الذي لا يحق له فعل الوجود
.ص259
سلمت امري لله ،فمهما سيكون لن يكون كما الذي كان ،و ما سوف يمر لن يعادل ما مر.
ص259
لملمت حاجياتي القليلة من ملبس و اشياء لا اهمية لها الا لكونها اشيائي.
ص259
ان السفر هو المسافة بين هنا و هناك،او هو هنا التي ما ان تقبض عليها ،حتي تفر منك الي هناك،فانت في برزخ مستديم،يستقدم التاريخ و ينبذ الخرائط؛لتهيم الروح في ماضيهاو ما كان ،و تقبض علي الكون في سياحات فريدة من التامل و الاستشفاف .و هكذا صرت ،طوال الطريق،كلما خلوت الي نفسي افكر فيما كان من امري ببر مصر و انطاكية،و اضعه تحت نور الشهاب الثاقب ،و نجم التامل الساطع ،فاتوصل بعد لاي من الهجس و التمحيص الي ان ما كنت اعتقده يقينا ،ما هو الا ضرب من شك لا يشبع سريرة،و ان البداهات انما هي بمثابة البدايات،و ان العقيدة الحقة لا تتجلي ولا تكون الا بالفعل المفعول، دون الكلمات و معسول الترهات ،و ان هناك من يتخذها مطية و رهينة؛ليتمكن من امور الدنيا و شهواتها،و ليس كل من تلا كلمات الرب هو عامل بها ،فهناك من يرتل الكلمات المقدسة ،بينما هو يتلتل الدنانير المدنسة، و انما القول الايماني يجب اقترانه بالفعل الانساني ،و الا كان غغشا و بهتانا و تزويرا و اعمالا في خداع الناس و الهيمنة عليهم بالايات المصدقة و الطقوس المكرسة.
لقد كفرت_و ليرحمني الرب_خلال ولوجي في برزخ السؤال ،بامر ما ،و تشكككت فيما كنت اظن انه لا يشك فيه ابدا،و بت اطرح علامات استفهام ،لا ادري اهي نتاج تعاظم شعوري بالالم و البؤس و قلة حيلتي و مشقة السفر ،ام هي من قبيل الجود الرباني و الكشف الجواني،و كان الحاحي الدائم علي:هل يحتاج خالق القطر ، و الشجر ،و السحاب ،و الثمر،و صنوف الطير،و الحيوان ،و سائر اجناس بني الانسان،و ما علي البر ،و داخل جوف البحر_الي كل هذه التوافه و العوارض من التيجان و الطيلسانات و المذهبات المفضضات ،و العمارات ليدلل علي قدرته؟.ان اي جبل قد خلقه _مما خلق_لا يضارعه مهما كانت عظمتها بناية من الابنية او عمارة بيعة من البيع .فالرب جليل مرتفع عن كل هذا في اعماله و ايات قوته و افضاله ،و هو العزيز عن مصنوع موضوع بيد عبد من عباده.
ص263و264
لو سئلت ذات يوم عمن امتن له في هذه الدنيا بعد الله العلي القدير،لقلت و كلي يقين ،حبيبي و قرة عيني ثاونا اولا ،ثم سيدي صاحب الفضل الذي لا انكره ابدا مهما حييت،االحسين بن فالح المراغي ،و الذي وفد الي بغداد من بلدة من اعمال الخلافة تدعي مراغة ،فثاونا هو الذي عطف علي نفسي بالمودة و الرحمة، وارشدني الي ما كنت اجله قبل ذلك، و كان لي بمثابة الاب و الاهل ،و النديم الصديق ،و المعين الصبور علي عذابات روحي و اوقات ياسي و قنوطي،ثم هو الذي ثبت نفسي علي الايمان ،و امدني بكل محبة و حنو.اما الحسين بن فالح المراغي ،فامتناني له هو امتنان الغارق في جب عميق لمن اخرجه الي الحياة مرة اخري،و هو ذاك الذي ساعدني علي البصر بعد عمي،و النطق بعد خرس ،و السمع بعد صمم.
كنت كلما عقدت اوجها للشبه و الخلاف بينهما ،تعجبت من نفسي،فما يجمعهما قليل نادر ،و ما يباعد بينهما كثير فادح،لكني كنت ادرك ان لديهما الجوهر ذاته ،و ان كان قد تموه و اختفي بالخارجيات الشكلانيات ،و كنت ادرك ان هذا الجوهر هو الذي جذبني اليهما ،و علقني بهما تعلق النجوم بالسماوات ،فالرجلان بداخلهما ما يسمو علي هذي الحياة ،فهما فيها و ليسا فيها ،و هما العائفان كل ظاهر بارق ،المهمومان بكل ما هو داخل باطن،بل هما يدركان عبس لدنيا و لهو الوجود ،فلا يهتمان لعبوسه او يغتران بسطوة عروشه،و هما في بعض من هيئات الزمن الشاغلة ،فهذا في بيعة و كنيسة ،و هذا في قصر الخليفة،لكن لا هذا و لا ذاك يتكالب او يصطرع علي ما يتكالب و يصطرع عليه العاملون في مثل هذي الهيئات.
ص271 و 272
الا رُبَّ همّ يُمنعُ النوم دونه اقام كقبض الراحتين علي الجمر
بسطتُ لهُ وجهي لاكبت حاسدا و ابديتُ عن ناب ضحوك و عن ثغر
و شوقٌى كاطراف الاسنة في الحشا ملكت عليه طاعة الدمع ان يجري
ص277
تنتابني احوال من صميم الياس حينا،فلا ادري لماذا يتوجب عليَّ مواصلة الحياة ،و ان اتحمل مزيدا من الالم و الكرب.
ص278
ان جوهر كل ديانة ما هو الا هداية البشر ،و دفعهم الي طريق السلام و الطمانينة،و صعود بمداركهم الوحشية الي مراتب انسية سامية.
ص286
ان اللحظات الفاصلة في الحياة هي اصعب اللحظات و ابعدها عن اليقين، فهي ومضات يغلب فيها الجوهر علي المظهر، و تتخالط فيها الثوابت الساكنات مع المستجدات المتغيرات ،و تضيع فيها الاجابات مع الاسئلة:متي؟.و كيف؟.و لم حدث هذا؟.انها البرزخ الفاصل الواصل بين ما كنت و اصبحت ،و قد اكتملت ليلتي بما لم اكن افكر فيه او انتويه،انما هو قدر قُدر لي ،و طريق لم املك الا السلوك فيه.
ص288
كم ان النفس ضعيفة تجاه شهوات الجسد ،و كيف ان هذه الشهوات تسقط المرء من علياء انسانيته الي جحر حيوانيته في لحظات سريعة..
ص295
تحتم عليّ الخروج من رق الغني الي حرية الفقر ،و من ذل القصور المنسوج بالذهب و الفضة ،الي كرامة الستر ،و تواضع العيش.
ص333
ان البصر البراني ،لا يري المحسوسوات الا حين تنقشع الظلمات بنور الشمس ،و الا حين تختفي الحواجز التي تفصل بين البصر و موضوعاته ،ككذلك البصر الجواني ،ليس في مقدوره ان يدرك العالم الروحاني ،الا اذا تطهرت مراة القلب من الشهوات ،التي تمنع اننعكاس النور الالهي.
ص336
ان مصائب الدهر و اعاجيب الايام و محن الومان قصدتني ،فاخذت مني ما كانت الدنيا اعطتني ،فلم يسبق لي ضيعة الا خربت،و لا نهر الا اندثر ،و لا منزل الا تهدم،و لا مال الا ذهب ،و قد اصبحت لا املك سبداًو لا لبداً،و عليّ دين كثير،و لي عيال ،و اطفال ،و صبية صغار، وا نا شيخ كبير قد قعدت بي المطالب و كبرت عني المكاسب.
ص350
عندما تودعني و تخرج من هنا،لا تنس ان تقول كل ذلك للناس،فانما هم في حاجة الي مثله؛حتي تطمئن نفوسهم و تهدا ارواحهم،و الزمان يغشي ذاكرتهم دوما ،و يعمل عمله فيهم ،مباعدا فيما بينهم و بين فطرة الرب الايمانية، قل لهم ذلك حتي لو ضربوك او اذووك،و اصبر عليهم حتي يمسهم شيء من صدق ايمانك و يقينك.
ص373
.................................
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق