...........
كانت العاصفة التي فاجاتنا عنيفة جدا و متطاولة جدا حتي لقد دب الذعر في نفوس الركاب .كان مشهدا مهيبا .لقد اصبح الجميع رجلا واحدا في وجه الخطر المشترك .لقد نسوا خلافاتهم ،و بداوا يفكرون في الاله الواحد ،مسلمين،و هندوسا،و نصاري و غيرهم.و نذر بعضهم نذورا مختلفة.و اشترك البران مع المسافرين في صلواتهم .فقد اكد لهم انه _علي الرغم من ان العاصفة لم تكن خلوا من الخطر _ عرف في حياته العملية عواصف اسوا،و اوضح لهم ان الباخرة المنشاة انشاء مكينا قادرة علي الصمود لجميع الحالات الجوية تقريبا .و لكن توكيدات الربان عجزت عن التخفيف من روعهم.فكل دقيقة كنا نسمع اصواتا و قرقعات تؤذن بحدوث فروج و صدوع .و اهتزت السفينة و دارت الي حد بدت معه و كانها ستنقلب في ايما لحظة ،راسا علي عقب .و لم يكن ثمة مجال لان يبقي احد علي ظهر السفينة . و كانت الشفاه كلها تهتف بعبارة"ما شاء الله كان"ليس غير.و لا شك ان اربعا و عشرين ساعة تقريبا كانت قد انقضت علينا ،في ما اذكر ،و نحن في غمرة من ذلك البلاء .و اخيرا صحت السماء ،و اطلت الشمس،و قال الربان ان العاصفة قد انحسرت ،و اشرقت وجوه الناس بالبشر ،و بزوال الخطر زال اسم اله عن شفاههم ،و انغمس الناس من جديد في الاكل و الشرب و الغناء و الطرب.لقد ولي الخوف من الموت ،و حلت ال"مايا"(الوهم و الغرور الخادع) محل النزعة المؤقتة الي الصلاة المخلصة .لقد ادي كثير من المسافرين طبعا ،الصلوات المعتادة في مواقيتها ،و لكنها كانت خلوا من جلال تلك الساعة الرهيبة.
...................
كتاب /قصة تجاربي مع الحقيقة
تاليف/غاندي
.......................
ص221
.................
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق