في مثل هذا اليوم من العام الماضي ( 8 ذو الحجة) قررت الحج عن ابي برا به ووفاءا له. كانت الحكومة السعودية قد اتخذت اجراءات مشددة لمنع حجاج الداخل بدون تصريح و حذرني جميع الاصدقاء من نيتي بالحج الا انني عزمت و قررت ايا كانت النتائج . علمت امي بنيتي فاسعدها ذلك الا انها لما عرفت بان هناك تشديد اجراءات حاولت اثنائي عن الامر و كذلك فعل اخوتي و كانت اختي اخر من طلب مني عدم الذهاب و الاكتفاء لوالدي بعمرة ، و اثناء لبسي الاحرام اتصل بي ابن عم لي في الرياض يخطرني بان الكثيرين ممن يعرفهم غيروا رغبتهم فيالحج هذا العام الا انني لم انثني لحظة واحدة عما عزمت عليه ، هل لانسان اكثر من اب ؟؟
ذهبت مع بعض الزملاء محرما من سكني بالميدنة المنورة و انطلق السائق من طريق غير معلوم حيث اتجه اولا الي مدينة ينبع و منها الي مكة من طريق مختلف و غير مراقب من الشرطة .. و بالرغم مما ضيعه السائق من وقت في اماكن غير معلومة لنا و له الا انه وصل قبل فجر التاسع من ذي الحجة . و قد وصلت الي الحرم و الحمد لله و طفت و سعيت و صليت الفجر ثم انطلقت الي مني و منها الي عرفات .
في هذه الايام حنيني الي ابي اشتد حتي تمنيت ان اموت و القاه او يعود هو الي الحياة و ياتينا لم يكن قد مضي علي وفاته شهر و كان الخبر لازال غير مصدق عندي تكره نفسي قبوله و يابي العقل تصديقه . قضيت طريقي كله في الدعاء لابي و البكاء احيانا كلما تذكرت انه مات في سفري و انني لن القاه ابدا بعد اليوم. لكني كنت سعيد بتمكني من الحج له و اسعدني انه سيكون سعيدا بما افعله لاجله . كنت مستعد لعمل اي شيء يدخل السعادة الي قلب ابي في العالم الاخر الذي يعيش فيه .
الطريق كان طويل جدا و كنت اعرف ذلك من البداية لاني مشيت فيه قبلا ثلاث مرات فهذه هي الحجة الرابعة لي . و بالرغم من ذلك تحملته راضيا اكثر من كل مرة مضت مستمتعا بخدمة ابي الذي عاش اكثر من ثمانون عاما لاجلنا .
مضي اليوم كما رسمته له البقاء داخل مسجد نمرة الي ما بعد الصلاة لكن ما تمنيته دائما لم يتحقق ، فقد تمنيت كثيرا ان اكون قريبا من منبر الامام كي اراه و هو يخطب الا ان الامنية كانت بعيدة دائما . فبقيت حيث انا في المسجد و قد احببت دائما ان اقطع المسافة كلها ماشيا فانا لا يمتعني الحج الا بالمشي الي عرفات ذهابا و عودة رغم المشقة و التعب في هذه الرحلة .
بعد العودة من عرفات بقيت في مزدلفة و كانت الرحلة كلها مريحة بلا زحام اذا قسنا ما كان علي زحام السنوات السابقة .و كان الامر في مزدلفة اروع حيث كان مقامي و مبيتي في ليلتي هذه بجوار المشعر الحرام .
طوال هذه الايام و الليالي لم يغب ذكر ابي عن عقلي او لساني فذكرت قوزل الله " فاذكروا الله كذكركم اباءكم او اشد ذكرا " و كنت كلما قرات هذه الاية تعجبت !! هل يمكن لانسان ان يذكر الله اقل من ذكر اباه ؟؟ فعجبت من جديد لانني فعلت ذلك فقررت ان اكف قليلا عن ذكر ابي و اشتد في ذكر الله فبت هذه الليلة و لساني رطبا بذكر الله.
في الفجر اتجهنا الي الجمرات في مني و منها الي الحرم و اكملنا المناسك التي انتهت بالعودة مع شعور بالراحة النفسية بانني اديت لابي حقا من حقوقه بان حججت عنه هذا العام
رحم الله ابي رحمة واسعة
فقد كان دعائي له طوال هذه الرحلة
اللهم لا تعاتب ابي علي ذنب ارتكبه او خطا وقع فيه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق