كلام عن مصر

عن كتاب السنن النفسيه لتطور الامم

تاليف جوستاف لوبون

......................

لا تري بين الحضارات التي ازدهرت علي وجه الارض حضارة كالحضاره المصريه عبر عنها بفنونها ،و قد بلغ تعبير فنون تلك الحضارة عنها من القوة و الوضوح مالم تستطع معه المثل الفنيه التي ظهرت علي ضفاف النيل غير ملاءمة تلك الحضارة و ما لم تنتحلها الامم الاخري معه الا بعد تحولات عظيمه

خرجت الفنون المصريه و لا سيما فن البناء المصري من مثل عال خاص في ظل شغل الامه الدائم خمسين قرنا ،و كانت مصر تحلم بان تبتدع للانسان مسكنا خالدا تجاه حياته الفانيه ،و احتقر العرق المصري الحياة و تملق الموت ،و كان اول م ا يبالي به هذا العرق هو تلك المومياء الصامته تتامل تاملا ابديا بعينيها المينائيتين المرصعتين في وجهها الذهبي، و ذلك من اعماق منزلها الاسود ، تلك الخطوط الهيروغليفيه الحافله بالاسرار ،و هذه الموميا، و هي في حمي من كل تدنيس في منزلها الماتمي الواسع كالقصر ، كانت تجد كل ما يفتنها في حياتها الدنيويه القصيره مصورا و منقوشا علي جدر الدهاليز التي لا نهاية لها

و فن البناء المصري هو، علي الخصوص ، فن بناء ماتمي و ديني غايته المومياء و الالهه ،و في سبيل الموميا و الالهه كانت تنحت السراديب و ترفع المسلات و الاساطين و الاهرام ،و في سبيل الموميا كانت تقام التماثيل الكبيره المفكره علي عروشها الحجريه فتعلوها سيما الحلم و الجلال

و كل شيء في ذلك الفن المعماري ثابت متين مادام الخلود غايته ،و لو كان المصريون الامه الوحيدة التي عرفناها من امم القرون القديمه لامكننا ان نقول ان الفن هو بالحقيقه اصدق دليل علي روح العرق الذي اوجده

......................................

دونها /ذو النون المصري

عن كتاب السنن النفسيه لتطور الامم

تاليف جوستاف لوبون

..............................