مختصر كتاب افكارفي القمة
تاليف خالد محمد خالد
تاليف خالد محمد خالد
............
الينا ... يا من اتعبكم الظلام
..................
مقدمة
..........
لست في هذا الكتاب مؤلفا
_ انما انا قاريء ...
و مع الفكر الانساني في شتي افاقه ،
سنمضي معا وقتا طيبا مباركا فيه .
و صحيح انني اخترت من الفكر الانساني ،
ما احس ان بيني و بينه رحما قوية .
و لكن صحيح ايضا ، انني لم اجمع في هذه الصفحات
كل ما تصلني به هذه الرحم ، و هذه القربي .
..................................
مع
محمد رسول الله صلي الله عليه و سلم
ضد العجز ،و الكذب ، و الالم
......................
محمد رسول الله ، من افذاذ الخلق الذين حلقوا
في اعلي المستويات
دون ان يفقدوا ثبات رشدهم ..
و حين كانت راسه في السماء .
ظلت قدماه علي الارض .
و هكذا علي الرغم مما راي من ايات ربه الكبري ،
لا نجد له قط تلك الشطحات الوجدانية ،
او تلك الغيبوبة الروحية .. بل هناك دائما ،
الحكمة الصادقة ، و التجربة الذكية اليقظي ،
و الفطنة الرشيدة ، تعبر عن نفسها في
جوامع الكلم الطيب الواضح المبين .
و موقف التوجيه المحمدي ،
ضد ما في الحياة من كذب ،
و عجز ، و الم _ هو الذي اصدر به هذه الصفحات .
" ساله اصحابه يوما :
يارسول الله . ايكون المؤمن جبانا ..؟
قال : نعم .و عادوا يسالونه : افيكون بخيلا ..؟؟
قال : نعم . و سالوه للمرة الثالثة : افيكون كذابا ..؟
قال : لا ... "
ان محمدا بهذه الكلمات يفضح الكذب ،
و يكشف عنه كشيء دخيل علي الطبيعة الانسانية .
فالمؤمن و هو النموزج المكتمل للانسان قد يجبن
لان الجبن مرتبط بغريزة الخوف .
و قد يبخل ، لان البخل مرتبط بغريزة الاقتناء ..
لكن هذا المؤمن لا يكذب ..
لان الطبيعة الانسانية ليس فيها من القوي الحتمية ،
ما يحملها علي الكذب ، حتي غريزة الانا ،
و المحافظة علي الذات .
لانه لا شيء يزكي " الانا " و يحافظ علي الذات
مثل الثقة بها ، و احترامها ..
و لا شيء يمنحنا الثقة و الاحترام مثل الصدق..
ذات يوم ، ذهب رجل الي الرسول يساله ان يدله
علي فضيلة واحدة تظفره برضوان الله .
فيجيبه الرسول : لا تكذب ...
و ينطلق الرجل فرحا .. فما ايسر هذا الواجب الذي
سينال به رضوان الله دون ان يفقد شيئا
من شهوات الدنيا ..
و لكنه لا يلبث حتي يكتشف انه قد حمل
نفسه كل تبعات الوجود الصحيح ،
حين حملها مسؤلية الصدق وحده ..
فكان اخذه بالصدق سبيلا الي التفوق
علي جميع نواحي ضعفه ..
هذه هي عظمة الصدق ..
انه يرفعنا فوق مستوي الضعف فينا .
.................
مع الصين
في حكمتها الجزيلة
...................
كان اهل الصين يقدسون الرجل الحكيم ،
و كانت الحكمة ،
هي دينهم الذي يحرصون عليه .
و كل امريء لا يعشق الحكمة ،
و لا ينال منها بحظ فليس بحي .
و من الاقوال التي كانوا توارثونها
كلمة " منشيس " و هو
فيلسوف من انبه فلاسفة الصين :
" ان الابطال ليسوا هم الذين يكسبون الحروب
مهما تكن عادلة . بل هم الذين يربحون السلام "
.. و يقول هذه العبارة المتناهية في الايجاز ،
و المتناهية في العظمة .
" ليس ثمة حرب عادلة ..........."
ثم يقول : " من الناس من يقول اني بارع في
تنظيم الجند . و اني ماهر في ادارة المعارك ..
اولئك هم المجرمون حقا ......."
اما " لاوتسي " فسمعناه يقول :
" عندما يسود الحق ،
تسخر الخيل لاعمال المزرعة ..
و عندما يسود الباطل ،
تسخر الخيل لخوض المعركة .!! ..."
و يتالق " كونفوشيوس " فيقول :
" ان ما يبحث عنه الرجل الاعلي ،
هو ما في نفسه ، اما الرجل المنحط ،
فيبحث عما في غيره ...
و الرجل الاعلي ، يحزنه نقص كفايته ،
و لا يحزنه ان يجهله الناس "
........................
مع بوذا
في بحثه عن الحقيقة
..................
" انا لا اعرف شيئا عن سر الاله .،
و لكني اعرف اشياء عن بؤس الانسان ..."
جمال هذه الحكمة و نفعها . يتمثلان في انها
تاخذ البابنا عن " السفسطة "
التي تكتنف تفكيرنا في ذات الله .،
و تتجه بنا صوب اليقين المتمثل
في اكتشاف واجباتنا تجاه الله ..
و الانسان .. الانسان وحده ..
الانسان في بؤسه ، و في وجوده ،
هو جماع هذه الواجبات .
ان بوذا يرسم نهجا للتعايش و التعامل حين يقول :
" علي الانسان ان يتغلب علي غضبه بالشفقة
.. و ان يزيل الشر بالخير ..
ان النصر يولد المقت ،
لان المهزوم في شقاء ..
و ان الكراهية ليستحيل عليها في هذه
الدنيا ان تزول بكراهية مثلها ..
انما تزول الكراهية بالحب " .
........................
مع مصر القديمة
و هي تفكر
......................
قبل الميلاد بالاف الاعوام ، كانت مصر القديمة
تفكر تفكيرا عاليا مضيئا و
كانت الحكمة تستوطن معابدها
و ابهاءها .. و كان ورق البردي
يحمل في امانة و رشد تبعات
التاريخ فيحتفظ علي صفحاته العريقة
بانباء القرون و اياتها ..
قال الحكيم امنموبي :
" احذر ان تسلب فقيرا بائسا .
و ان تكون شجاعا امام رجل مهيض ،،..!!"
يالروعة هذه العبارة ..
احذر ان تكون شجاعا امام رجل مهيض ،
... انها تمثل ضميرا بلغ رشده ، بل جاوز رشده..
و قال ايضا :
" نم ليلة قبل التكلم ....!!..."
أي تعبير يدعو للاناة في الحديث
، و لتدبر الكلمة قبل نطقها ،
يبلغ من العذوبة و العراقة ما يبلغه هذا التعبير ؟؟
و يتالق هذا الفكر حين يتحدث
عن استقامة الشخصية ووضوحها .
" لا تتكلمن مع انسان كذبا فذلك
ما يمقته الله ..
و لا تفصلن قلبك عن لسانك .؛
حتي تكون كل طرقك ناجحة ..
و كن ثابتا امام غيرك من الناس
لان الانسان في مامن في يد الله .
و ان الممقوت من الله من يزور
في كلام لان اكبر شيء يكرهه هو النفاق ..
و ان النجاح ليخطيء الانسان الخائن .
لا تؤدين شهادة كذبا
و لا تستعمل قلمك في باطل .
كن حازما في قلبك و ثابتا في عقلك
و لا تتحرك مع لسانك ..
و لا توجهن كل التفاتك الي فرد
قد لبس ملابس بيضاء ناصعة .،
بل احترم ايضا لابس الخرقة البالية ،
و لا تظلمن ضعيفا من اجل رجل قوي
.، و ابغ الحياة لنفسك .."
و قال :" لا تمنعن احدا من عبور النهر ..
اذا كان في زورقك مكان ..
و لا تصنعن لنفسك معبرا علي النهر ..
ثم تجاهد بعد ذلك لتجمع اجره ..
خذ الاجر من الرجل الثري ..
و رحب بمن لا يملك شيئا ......"
و يوصي بالكتمان و الحصافة فيقول :
" ان التمساح الصامت يكون
الفزع منه شديدا ..
لا تفضين بقرارة نفسك لكل انسان ..
و لا تتلفن بذلك نفوذك "
و يقول بتاح حوتب :
" ان الصدق جميل ،
و قيمته خالدة .. و انه لم يتزحزح منذ يوم خالقه ..
و الذي يتخطي نواميسه يعاقب ..
و هو امام الضال ، كالطريق المستقيم ..
ان الشر ، و الكذب قد يكسبان الثروة ..
و لكن قوة الصدق في انه يمكث ..
و الرجل المستقيم يقول :
هذا ميراث ابي .!!...."
و يقول : " اذا كنت قادرا ،
فاجعل عنايتك في العلم ،
و في القول الفصيح .،
و اذكر ان التصرف المطلق يؤدي الي السوء
... ..... لا تكن اقوالك مصحوبة بالانفة ...
و تكلم بدون حدة .. ان الرجل الهاديء يخوض
عباب العوائق و الرجل الدائم الغضب
لا يتيح لنفسه وقتا طيبا .............."
و يقول " خيتي " احد ملوك الاسرة العاشرة :
" سينشر الانسان حين وصوله الي الشاطيء
الثاني و سيجد اعماله هناك ، محيطة به ..
انها الابدية لا شك فيها ، و مجنون من يحتقرها ..
ان الحياة علي الارض ، تمضي علي عجل ،
و امتلاك الالوف من الرجال ، لا يميز مالكهم ،
و من يعش عيشة الفضيلة ، فان نصيبه الخلود ..
و الفضيلة التي يتحلي بها الرجل العادل ،
افضل في عين الله من النور
الذي يقدمه الشرير قربانا ..
علي انه ينبغي مع ذلك للرجل ان يفعل
ما ينفع روحه في الحياة الاخري ،
فيقدم القرابين لله . فان الله يعرف
من يفعل له شيئا . ان الله خلق الناس منه .،
و علي صورته .. و انه ليسمعهم حين يبكون ،
و حين يشكون و ما جعل فيهم رؤساء
الا ليسندوا ظهور الضعفاء منهم ............."
و العبارة الاخيرة تبيان موجز لمهام الحاكم ..
مؤازرة الرجل العادي ،
و منحه فرصته في الحياة .
و يوصي " خيتي " الحاكم فيقول :
" لا تعاقب في غير ذنب ..
و لا تؤذ احدا بغير حق ..
و ان افضل الاشياء للحاكم
ان يكون ذا قلب سليم ........"
......................
مع توم بين
صديق البشر
................
توم بين هذا ،
انسان يفوح منه كل اريج الجهد
الانساني البار.
كان شعار جميع الرواد الافذاذ الذين سبقوه :
" حيث توجد الحرية يوجد وطننا ".
فجاء توم بين نسيج وحده ملخصا شعاره و عقيدته في
عبارة اخري باسلة ، شاهقة عظيمة . :
" حيث لا حرية ، فثم وطني "..!!
يا للرجل .. و يا للعملاق ..!
يقول : " اني اؤمن باله واحد ، لا اكثر ...
و اطمع في السعادة حياة .
و اعتقد ان الواجبات التي يفرضها
الدين هي اقامة العدل ،
و حب الرحمة ، و السعي لاسعاد اخواننا .
و علي كل انسان ان يقوم
بفرائض دينه بنفسه ..
و ان واجب الحكومة تجاه الدين ،
ينبغي ان تقتصر علي حماية
رجاله المؤمنين به .
و لست اعرف عملا اخر للحكومة
تعمله في هذا السبيل ...."
و عن كرامة الانسان قال :
" اذا كان للحياة الانسانية
اي معني فهو هناك ..
في كرامة الكائن البشري ...
و ان الفقر ليتحدي كل فضيلة ، لانه
يورث صاحبه درجة من الانحطاط
و التذمر تكتسح امامها كل شيء ....."
.............................
مع جوركي
صديق المستقبل
..................
ولد في الحضيض و تجرع كل غصصه ..
و مع هذا ، عاش و الامل العظيم
بالمستقبل يملا فؤاده و يحدو خطاه ..
و كل شيء يقدسه ، انما هو مقدس
من اجل صلته بمستقبل الناس و الحياة ..
الام مقدسة ..لانها وعاء المستقبل .
" لنرفع عقيرتنا بالمديح للمراة الام ..
المصدر الذي لا ينضب للحياة المنتصرة "
و الابناء مقدسون ،
لانهم طلائع المستقبل .
" انهم يمشون نحو الانتصار علي الالم
البشري ليكنسوا كل بؤس عن وجه
البسيطة و ليجهزوا علي القبح المخيم
علي الارض .. و لسوف يقضون
عليه لقد قال لي احدهم :
انهم سيشعلون شمسا جديدة ..
و لسوف يشعلونها بكل تاكيد .........
و قال لي :
انهم سيوحدون جميع القلوب المنكسرة ..
و لسوف يوحدونها بكل تاكيد "
و يوغل " جوركي " في ولائه للحقيقة و
للمستقبل ايغالا يملي عليه
ان يرد عنهما كل متشكك مرتاب .
" ان فقد احد الايمان بانتصار الحقيقة . .
ان فقد احد الشجاعة علي اعطاء
حياته و بذلها من اجل الحقيقة . .
ان ارتاب في المستقبل احد ،
و انتابه الخوف من تبعاته ،
فليخرج من صفوفنا . .
فالذين لم يدركوا رؤيانا عن المستقبل ،
لا يملكون الحق في المسير معنا . "
و قال لاصدقاء الحقيقة و المستقبل :
" ليس لنا سوي اتجاه واحد نتحرك فيه ،
و هذا الاتجاه هو الامام ..
و هو ايضا ان نعرف مباشرة و
بانفسنا ، رقيمة العمل الخالق لكل
ما هو جميل ، و كبير ،
و ثمين في هذا العالم ........."
..........................
مع اقبال
في فلسفته الدينية
....................
يمكن ان نحدد نقاط انطلاق فكر محمد اقبال
من خلال كلماته الاتية :
" ان السمو الي مستوي جديد
في فهم الانسان لاصله ،
و لمستقبله _ من اين جاء ؟
و الي اين المصير _ ؟
هو وحده الذي يكفل له اخر
الامر الفوز علي مجتمع يحركه تنافس وحشي ،
و علي حضارة فقدت وحدتها الروحية
بما انطوت عليه من صراع بين القيم الدينية
و القيم السياسية ....."
و يري اقبال ان الدين هو سعي
حثيث الي خير الانسان .
و يقول : " الدين في جوهره تجربة ،
....... و الدين سعي صادق صحيح يستهدف
توضيح الشعور الانساني ......."
و يري اقبال ان " هذه التجربة طبيعية تماما . ،
مثلها في هذا مثل تجاربنا المالوفة .
و دليل ذلك هو ما لهذه التجارب من قيمة
معرفية و علمية لمن يمارسها . بل هناك
ما هو اهم من هذا _ و هو قدرتها علي
تركيز قوي الذات تركيزا يكسبها
شخصية جديدة متفوقة .."
و يري اقبال ان مجرد
رغبتنا الصادقة في ادراك الحقيقة ،
دين و تصوف و صلاة فيقول :
" ان الصلاة يجب ان ينظر اليها علي انها تكملة
ضرورية للنشاط العقلي لمن يتامل في الطبيعة
..... و ملاحظة الطبيعة ملاحظة
علمية تجعلنا علي اتصال وثيق بسلوك
الحقيقة .. و كل طلب للمعرفة ، هو في جوهره
صورة من صور الصلاة ..
و المتامل في الطبيعة تاملا علميا ،
هو نوع من الصوفي الباحث ..
و تامله هذا ، صلاة ... و الصلاة ،
سواء كانت صلاة فرد ام جماعة ،
تعبير عن مكنون شوق الانسان الي من
يستجيب لدعائه في سكون العالم المخيف ...."
و المعرفة عنده ليست المعرفة الدينية فقط ،
فيقول : " ليس امامنا من سبيل سوي
ان نتناول المعرفة العصرية بروح
الاجلال و الاستقلال و البعدى عن الهوي .
و ان نقدر تعاليم الاسلام في ضوء هذه المعرفة ،
و لو ادي ذلك بنا الي مخالفة المتقدمين ....."
.............................
مع فرويد
في مجاهل النفس
...................
لقد اعطي فرويد " اللاشعور " مضمونا جادا
و مقنعا حين قال :
" ان فرضية اللاشعور ، ضرورية و مشروعة .
و قد قامت البراهين علي وجود هذا اللاشعور
بصور متعددة . ان وجوده ضروري لان
المعلومات التي يقدمها لنا الشعور تظل ناقصة ....
ان تجربتنا اليومية الشخصية تتيح لنا
ان نلاحظ وجود افكار يظل اصلها
مجهولا لدينا و نتائج فكرية تظل كيفية
الوصول اليها غامضة بالنسبة الينا ...."
ولقد كان فكر " فرويد " و هو يتعقب الكبت و
يمسك بخناقه ، واحدا كبيرا من ابطال
المعرفة الانسانية عبر القرون .
قال : " ان الطفل يتحرك بالغريزة ، بيد ان
هذه الغريزة لا تلبث ان تدخل في سن مبكرة في
تناقض مع متطلبات الحياة الاجتماعية ..
و الميول العدوانية ، و الجنسية ،
هي اول ما يكبحه الوسط العائلي ...."
و يكشف فرويد عن مصير الميول المكبوتة قائلا :
" انها لا تتلاشي ، بل تبقي حية في
اللاشعور و تظل مستمرة في نموها ...."
و لما كان الكبت يمثل " حربا اهلية "
يخوضها الانسان ضد نفسه ،
و يستنفد خلالها طاقته و قوته التي اعطيت له
ليواجه بها الحياة ، فان " فرويد "
بوضعه اوزار هذه الحرب يكون مستحقا للقب
" منقذ " و لكن كيف ينهي فرويد هذه الحرب ..؟؟
انه ينادي باحترام هذه الغرائز و
علي راسها غريزة الجنس ،
و يكشف عن الصداقة العريقة بيننا و بين غرائزنا ..
انها ليست شياطين كما كنا نظن ، و لكنها قوانا التي
نتحرك بها و نعمل .
و من ثم حذرنا من الدخول في معركة مع ميولنا ،
و دعا الي التفاهم معها .
و يري ان الحب العظيم الصادق
من خير ما تظفر به الحياة السوية .
يقول " فرويد " : " انني اضع نصب عيني
فهما للحياة ، يتخذ الحب مركزا .
و يحسب ان كل فرح انما ياتي من
ان يكون المرء محبا ، و محبوبا .."
لذلك راي ان الحرب العالمية الاخيرة حين
اندلعت دلت علي ما انحدر الي مستوي
الاخلاق لدي دول اعتقدنا انها تدافع
عن القيم الانسانية الرفيعة و عزي نفسه في
وحشية الناس خلال الحرب ، باسلوب
لا يخلو من التهكم الجاد ،فيقول :
"ان مواطنينا في العالم الذين ارتكبوا تلك
الاعمال ، لم يسقطوا في الواقع الي درك
بعيد كما كنا نظن .. و ذلك لسبب بسيط ،
هو انهم لم يكونوا في مستوي
رفيع بقدر ما كنا نتصور ..!!"
و يري "فرويد " ان اهم مهام الحضارة هي :
" ايجاد توازن ملائم بين احتياجات الفرد ،
و مطالب الجماعة . علي ان كون
هذا التوازن ذا طبيعة تمكنه من
ضمان السعادة لجميع البشر ..."
.......................
مع ديهاميل
في دفاعه عن الادب
................
يري ان اول شيء مقدس في مملكة الادب هو
" روح الكاتب و الاديب " .
يقول : " ان نفكر في الروح بمثابرة و احترام . ،
و ان نزيدها غني و ثراء بلا انقطاع .
في هذا ستكون قداستنا .... "
و شر اعداء هذا الروح عنده هو النجاح ..
النجاح التجاري الذي يجرف الكاتب و الاديب ،
و يلقي بهما بعيدا عن وجودهما الحق و الصحيح .
من اجل هذا يقول : " لو غامر احد اولادي يوما و
احترف الادب و سالني ان انصحه ،
لما قلت له غير هذه العبارة _ احذر النجاح .........
" و سافكر و انا القي اليه بهذه
النصيحة في النجاح الملتوي
المخاتل . الذي يثني يوما بعد يوم من
مدي اهداف الرجل ، و يقص اجنحته
حتي يزج بقدميه في رفق الي مباذل المجد ...
سافكر في هذا النجاح الذي ينال من
الشجاعة الحقيقية برضاب قبلاته السامة ...."
ان خوفه من النجاح بين البواعث واضح الاسباب .
فالكاتب و الفنان ، بصفة خاصة ،
كثيرا ما يجرفهما النجاح بعيدا ،
بعيدا عن الاصالة و الخلق ...
و شيئا فشيئا يطرحان عن كاهليهما
كل جهد يتطلبه التجويد
و الاتقان _ معتمدين علي التوقيع
الذي سيذيل بهما عملهما
الفني و الذي يحمل اسما ناجحا و لامعا .
و مثل هذه " اللامبالاة " لا تنجب اعمالا ضحلة ،
فحسب ، بل انها تصيب الموهبة بالاضمحلال .
ان النجاح ، لا يكف نباحه وراء الكاتب دوما ..
فهو باستمرار يطالبه بتموين السوق الرائجة .
يقول : "ان الافكار التي يمكن ان تكون مادة
لعمل فني . تحتاج دائما الي نضوج بطيء .
فهي تولد فينا كالنطف ، و تبقي زمنا
طويلا بغير حراك .. ...."
و يري " ديهاميل " ان الكتاب هو
وعاء الثقافة يصونها عن التبدد و الضياع .
و انه ليتساءل : " الا يصير العالم
لو علق فجاة بالورق
مرض جديد يحي كل المكاتب ترابا ...؟
و المكتبة عنده هي : " ذلك المكان الجليل الذي
يحتفظ فيه الرجال بتجاربهم ، و احاسيسهم ،
و اكتشافاتهم ، و مشروعاتهم _ و لو اننا فقدنا
دفعة واحدة كل تلك الكتب التي ازدهرت
بها حضارتنا ، لما استطعنا ان نبني طائرة ،...."
........................
مع ايمرسون
في تفكيره المغرد
..............
لنصغ الي بعض تغاريد " امرسون "
لنتعرف علي ملامح فكره الفلسفي .
من هو المعلم عند امرسون ؟؟
" ان الروح وحدها تستطيع ان تعلم ، و لا يقدر
علي التعليم اي رجل دنس ،
و لا اي رجل مادي ، ............"
و من سمات المعلم عند امرسون ،
المحاولة المستمرة للفهم و التطلع الدائب .
" ان الثبات السخيف علي راي واحد ، هو غول
العقول الصغيرة .. اما الروح العظيمة ،
فانها تستنكف هذا الثبات . انطق بما تفكر
فيه الان في الفاظ قوية و انطق غدا ،
بما تفكر فيه غدا ، في الفاظ قوية كذلك _ حتي
ان ناقض كل ما قلته اليوم ......"
و قال ايضا : " لكي تكون عظيما ،
لابد ان يساء فهمك "
" يهب الله لكل عقل الخيار بين الحقيقة و الراحة ..
اختر منهما ما شئت .. و لكن لن تظفر بكلتيهما
.. ان من يختار الراحة ، لا يشاهد الحقيقة و
من يختار الحقيقة يظل جوابا ،
سابحا ، بعيدا عن كل مرفا ......"
" و من اراد ان يكون رجلا ، ينبغي
ان ينشق علي السائد المالوف ......"
و يناهض " امرسون " التقليد ..
و يقاوم التبعية الفكرية في اصرار شديد .
" اني انصحكم قبل كل شيء ان تسيروا وحدكم ،
و ان تسيروا الي الله بغير وسيط ، و بغير حجاب....."
" ان التقليد لا يمكن ان يرتفع فوق النموزج ،
و المقلد يحكم علي نفسه بضعف
لا رجاء فيه .. و انه ليحرم نفسه جمالها ،
كي يقترب من جمال انسان اخر ...."
و يري ان الصداقة الخالصة زينة الحياة ،
و متاع الروح .. و حين يوجد الصديق الودود ،
توجد الدنيا في اصفي مباهجها .
لكن من هو الصديق ؟
يقول : " الصديق شخص
استطيع ان اخلص له .. و استطيع ان
افكر امامه بصوت مرتفع ..
انني مع هذا الصديق اصل اخيرا الي اعماق
رجل حقيقي يضارعني و استطيع معه
ان انزع عن نفسي كل ثياب الرياء ....."
و الصداقة ليست فناء لشخص في اخر .
يقول : " خير لك ان تكون شوكة في
جنب صديقك من ان تكون صدي له .
يجب ان يكون هناك اثنان اكيدان ،
قبل ان يكون هناك واحد اكيد .
و لتكن الصداقة تحالفا بين طبيعتين كبيرتين ........ "
...........................
مع تولوستوي
في شموخه
................
نبذ جهد الانسانية باسره ،
و صوغ المسالة من جديد ..
هذه هي محاولة تولوستوي الجريئة
. و هذه اية شموخه .
يقول : " ان حياة العالم تسير وفقا لارادة ما ،
اعني ان ارادة ما ، تحقق غرضها بحياة
العالم باسره ، و بحياتنا البشرية ...... "
يقول : " انصرفت عن الحياة التي يحياها
قرنائي ، و ادركت ان الوفرة التي ننعم في ظلها ،
تحرمنا فهم الحياة ...... ليست الحياة ،
هذه التي نحياها ، نحن المتطفلين عليها ..
بل هي تلك التي تحياها الجموع العاملة
الطيبة _ هذه الجموع
التي تخلق الحياة ، و تجعل لها معني ........"
و يفسر " تولوستوي " معني الحياة فيقول :
" كل انسان ، اتي هذه الدنيا بارادة الله ..
و قد امد الله الانسان بما يستطيع معه
ان يقضي علي روحه ، او ان ينجيها ..
و هدف الانسان في الحياة ، انقاذ روحه ....
و لكي يفعل ، عليه ان يعيش عيشة ترضي الله ....
....و سبيل هذا ان ينبذ الشهوات ... و ان يعمل ..،
و يتواضع ..، و يكون رحيما ......."
"
و قد صار العدل و الرحمة اساس تفكيره .
فيقول : " اني ابشر _ انا ليو تولوستوي _ بالعدالة ؛
بينما اتفرج من نافذتي علي مشاهد البؤس
و الظلم الذي يحل بالاخرين ..!!....."
و يصرخ صرخة ملؤها الاحتجاج علي احتكار الحياة .
" اواه ... ما اصعب ان يتخلص
الانسان من هذه الملكية
_ المحتكرة _ القذرة المجرمة .
ان الملكية _ المحتكرة _ اليوم اساس كل شر .
و انما تتامر الدول و تتقاتل ، لان كل
منها ينشد الملك ..... فتراها تحارب
علي ضفاف الرين ،و في افريقيا .،
و في الصين .، و في البلقان ......"
و يري ان الوسيلة كالغاية يجب
ان يكون لها نفس القداسة .
يقول " ليس الكمال الاخلاقي الذي يبلغه المرء ،
هو الذي يهمنا .. بل الطريقة التي يبلغه بها ."
و يقول ايضا : " ايسر علي المرء ان يكتب
في الفلسفة مجلدات عدة .. من ان
يضع مبدا واحدا في حيز التطبيق ........."
و قد كان من اجلاله للفن و الادب انه قال :
" كيف امكنني ان اهين الفن ،
و احتقره .. و هل يستطيع الانسان
ان يجد العزاء الا في الفن ..؟
و هل نستطيع ان نحس بكل وضوح ،
حضور الله ، الا في صورة الفنان ، و كلمته ..؟..."
و يقول : " ياربي .. كم كنت اسير فيما مضي بثبات
و يقين ، عندما كنت اكتب مؤلفات ادبية
و اقدم الحياة الي الناس ، كما جعلها الله
امام اعيننا ..انا لست الا رجلا قد وهبه
الله _ كي يري الكون الذي
خلقه _ عينين اكثر استنارة ......."
ثم يصيح في هيام داهم ..
" ان الله قد دعاني كي اصف عالمه ..
الا ما اروع الفن .. و ما اشد طهارة الابداع الفني ...."
..................
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق