رجعت مصر
.....................
من اول يوم سافرت فيه و قبل مغادرتي لارض مصر ،كان نفسي ارجع .كان نفسي ارجع حتي قبل ما اسافر.لاني لم اتصور ابدا اني ساغادر هذه الارض لاي سبب.و بعد استقراري في الارض الجديده و رغم عدم وجود منغصات حياتيه صناعيه _كالعلاقات السيئة والخلافات المستمرة بين فريق العمل_ الا ان طبيعة حياة الاغتراب نفسها تعتبر منغص شديد القسوة فيحد ذاتها.لقد عرفت في هذه الفتره التي اغتربت فيها معني روح الشعب و لم اكن فهمتها بصورة عمليه قبل ان اهاجر.و كنت اسمع كثيرا ممن هاجروا ان في مصر اشياء لا تفهمها و لا تراها الا اذا جربت الهجره.و لم اكن اصدق حتي جربت بنفسي.
عشت تسع شهور لم اشاهد فيها شخص يتزوج مثلما نري في مصر و لم نشارك في تشييع جنازة كما نفعل عندنا و كذلك لم نسمع بمولود جديد.يحدث هذا اذا كان الامر _الزولج او الوفاة او المواليد_متعلق بمصري نعرفه.هذا لان الحياة هناك مختلفه يراها البعض اكثر نظاما لكني اري الامر مختلفا تماما فهذه اشئون لا علاقة لها بالنظام فيما اري..فاين انعدام النظام في جنازة يشيعها اهل قرية بالكامل ينادي عليها في المساجد و اين انعدام النظام في فرح يعرف الجميع من صاحبه و متي و اين يكون لانه يعلن في المساجد و هذه امور لا تعرفها مساجد الدمام ابدا.
رجعت و انا في شوق شديد للمشاركه في تهنئة بزواج او ولود او حتش تشييع جنازه.كنت في شوق شديد لكل مظاهر الحياة في مصر و التي اراها الحياة الطبيعيه و غيرها يعتبر خال من مظاهر الحياة الطبيعيه و ليس هذا في نظري انحياز لمظاهر الحياة في بلدي .
يوم العوده لم انم و انتظرت حتي الساعه الثالثه صباحا و ايقظت زميلي ايهاب و نطلقنا بسيارته الخاصه الي المطار،و ايهاب زميل خدوم جدا لا يتاخر عن خدمة اي شخص طالما يقدر عليها.ووقف زميلي معي في المطار حتي اقترب بزوغ الصباح رغم وجود عمل في هذا الصباح ثم ودعته و انصرف.
ركبنا الطائرة الاولي من الدمام الي الرياض و استغرقت الرحلة حوالي الساعه ووصلنا قبل الساعة الثامنه و انتظرت حتي قبل الظهر حتي نركب الطائرة الاخري الي الاسكندرية وكان في هذه الساعات حوارات كثيره بين الناس العائدين لمصر في شؤون مختلفة.
ركبنا الطائرة الثانية قبل الظهر ووصلنا لمصر قبل العصر في مصر.في الجو في الرحلة الاولي اختلفت المشاهد عنها في الرحلة الثانية ،فقد كانت الرحلة الاولي كلها في سماء السعودية و تحتها صحرائها المتدة في كل الجهات و لم يتغير مشهد هذه الصحراء الي لحظة الانطلاق في الدمام و عند الوصول الي الرياض ،هنا فقط كان المشهد مختلف .اما في الرحلة الثانية فعند الوصول شاهدنا لاول مرة الارض السوداء المحروثة تمهيدا لزراعتها و اراض اخري لونها اخضر و اخري تشبه المرايا تعكس ضوء الشمس لانها مغمورة بالمياه.و بدات الارض تتضح ملامحها شيئا فشيئا حتي انحرف قائد الطائرة بقوة و ميل شديد كي يتخذ مساره علي مدرج الطائرات بالمطار ثم هبطنا ارض الوطن بعد تسعة شهور غياب.
كانت اول ملاحظة اشعرتني بارض مصر و اختلافها عن غيرها هي نسمة هواء رقيقة باردة لمست وجهي ،افتقدنا مثل هذه النسمات كثيرا في الخارج ،فالجو في الدمام يكاد هواؤه يحترق من شدة الحرارة و تشم في الطريق رائحة اسفلت الطريق و لا ابالغ اذا قلت ان الانفاس تكاد لا تخرج و لا تدخل الي الرئتين من شدة الحر.
و الماء من شدة الرطوبه تحس انه يشغل جزء من كثافة الهواء تؤدي الي صعوبة في التنفس.
نزلت ارض مصر و علقت دمعه في جفوني من شدة الحنين.من اسوار المطار الحديدية شاهدت كثير من اهل المسافرين حاولت ان اري احد اقاربي لكن لم اراهم من هذا المكان فسارعت بالدخول لانهاء اجراءات الوصول ثم المغادرة كي اختصر الوقت كي اري اهلي.
اجراءات الوصول و المغادرة تمت في سهولة و يسر و كان ضباط المطار متعاونين جدا جدا .خرجت فرايت ابن اخي الصغير ثم رايت ابي الذي سارع الي و سارعت اليه و التقينا و من خلال حنينه الشديد للقائي عرفت كم كان يرجو عودتي..
في الطريق رايت ارض مصر و اراضيها الخضراء التي لم نري مثيلا للونها منذ شهور. اعجبني جدا ان اري من جديد مظاهر روح الحياة في مصر في طريق بعيد عن المدن فكيف بها في المدن و القري.
بعد مشوار حوالي ثلاث ساعات وصلت للبيت و سلمت علي الجميع و سارعت الي السؤال عن عمر و كان اولاد اخوتي قد ايقظوه من نومه فحملته و كان مكسوف جدا مني حتي بدا يتعود علي وجودي بجانبه ثم صار مشغولا بي بشده.و اليوم لا اكاد افكر في الذهاب الي المسجد الا و يبكي حتي يظل معي .و اذا راني اغير ملابسي الا و يعرف انها نية الخروج فيبكي حتي يصحبني..
الحمد لله
مرت شهور العمل و جاءت شهور الراحة ،كانت الهجرة تشبه الكابوس الطويل المستمر و عودتي تشبه الافاقه من هذا الكابوس.او هي نفق طويل مظلم انتهي بنزولي من طائرة العودة الي مصر.
هناك ١٠ تعليقات:
حمد الله علي السلامه
مصر نورت
الحقيقه الملحوظه اللي انت قلتها صحيحه في بلاد الغربه انت تعيش وتعمل لكن لاتتواصل انسانيا لا في جوازه ولا في جنازه
فتعيش بلا دفء
اما في مصر فالدفء كله
رغم المشاكل والصعوبات لكن عمار يامصر
نورت مصر
تصدق انا معرفكش ، لكن سعيده قووووووي بسعادتك انك رجعت مصر ، اصلي عمري ماتصورت نفسي اقدر اعيش بره مصر ، ومتصوره ان كل مصري اجبرته الظروف يعيش بره مصر عمره مافكره انه حيعمل كده واول مايرجع تترد له الروح ، حمد الله علي السلامه وبجد مصر نورت بكل حبايبها ..
عندى نفس الاحساس وعقبال مابابا ينتظرنى فى المطار عن قريب وحشتونى
حمد لله على السلامة..
وكل سنة وانت طيب
ازيك يا فيلسوفنا
انت كمان في المملكة؟
حمدا لله ع السلامة وازي الدمام؟ احسن من الرياض؟
انا جنبك بس في القصيم
ربنا يبارك فيك
الا انت فاكرني؟ انا جاي اسلم عليك بعد غياب طويل وانت من اكتر الناس اللي سألوا عني في غيابي
اميرة
اشكرك جدا علي الزيارة و التعليق
تحياتي
اختي
هذا الاحساس يشترك فيه كل مصري مغترب
سلميلي علي محمد
تحياتي
استاذ احمد ابو العلا
اشكرك جدا علي ذوقك الرقيق
تحياتي
خالد العزيز جدا جدا جدا
يا عم انا اقدر انساك
دا مستحيل
تحياتي لعودتك و اتمني ان لا تنقطع عنا مره ثانية
الاخ العزيز الحبيب ..صديق عمر قد يكون ليس بمدة طويله ولكن رب معرفة يوم خير من معرفة الاف السنين.
جرت الدموع من عينى وانا قراء مدونتك عن العودة الى الديار..فانا لى سابق خبرة طويلة فيما قلت واحسست.أأسف لعدم علمى بعودتك الااليوم..كما تعلم انى هاجر للتدوين منذ فترة..الا ان الحنين شدنى اليوم اليها..فتجولت بين الاصدقاء ارى كيف الحال من منهم مازال ومن اخذه الضجر كما اخذنى.
الحقيقة انى افكر ان اعود..ولكن ليس بالشكل الدائم كم كان ولكن عندما يأخذنى الحنين.
الاخ الحبيب عود محمود و الى لقاء قريب اقول لك استمتع بالاجازة قدر ما تستطيع.
استاذ حسني
انا سعيد جدا بعودتك و سعيد جدا بتعليقك
تحياتي الغاليه
إرسال تعليق