الخميس، مارس ١٠، ٢٠١٦

الحرية ونقد الحرية

الحرية ونقد الحرية
لويس عوض
...........................
وكنت عقاديا بسبب الوفدية ..... وكان هناك حجابا بيني وبين طه حسين.
................
تشربت المناخ الذي كان يشيعه طه حسين، وتعلمت منه أشياء جعلتني أتمرد علي سلطان العقاد في نفسي.
..............
وقد خرجت من فلك العقاد لأدخل في فلك سلامة موسي، وخرجت من فلك سلامة موسي لأدخل في فلك طه حسين، وفي كل مرة كنت أتحرر من سلطان مفكر علي نفسي كانت تترسب في وجداني وتكويني الفكري من تعاليمه ومنهجه ترسبات عميقة و سميكة حتي غدا عقلي أشبه شيء بالطبقات الجيولوجية، وكانت مشكلتي الكبري هي كيف أذيب هذه الطبقات المتحجرة وأردها كما كانت حمما لتمتزج في نفسي ويخرج منها معدن جديد.
..........................
هو كتاب عن كتاب (مؤلفين) وكتب. هذا أسرع تعبير يمكن به تلخيص فكرة هذا الكتاب. هو مجموعة مقالات كتبها المؤلف علي فترات متفرقة يجمعها تيار ذكريات خاص بالمؤلف لكن لأن هذه الذكريات مع شخصيات مؤثرة في الأدب والفكر العربي، ولأن هذه الذكريات كذلك تدور حول فترة تاريخية هامة جدا في حياتنا، فهذه الذكريات تعتبر كتاب تاريخ وأدب في نفس الوقت.
عن مجموعة من المؤلفين مثل طه حسين و العقاد و توفيق الحكيم و صلاح عبد الصبور و غيرهم ممن لا نعرفهم و ربما نقرأ عنهم لأول مرة يدور موضوع هذا الكتاب.
فالمؤلف يبدأ الحديث عن أول علاقته بطه حسين فيحكي حكاية تكررت علي لسان أكثر من كاتب من كتاب جيله والجيل التالي له، فيقول: "وكنت عقاديا بسبب الوفدية ..... وكان هناك حجابا بيني وبين طه حسين."
فالعقاد كانت له سيطرة علي عقول الجيل كله قبل أن يتعرفوا بطه حسين ويقول أيضا: "تشربت المناخ الذي كان يشيعه طه حسين، وتعلمت منه أشياء جعلتني أتمرد علي سلطان العقاد في نفسي."
ويحكي عن علاقته بأكثر من مفكر و كيف خرج من سلطان إلي غيره فيقول: "وقد خرجت من فلك العقاد لأدخل في فلك سلامة موسي، وخرجت من فلك سلامة موسي لأدخل في فلك طه حسين، وفي كل مرة كنت أتحرر من سلطان مفكر علي نفسي كانت تترسب في وجداني وتكويني الفكري من تعاليمه ومنهجه ترسبات عميقة و سميكة حتي غدا عقلي أشبه شيء بالطبقات الجيولوجية، وكانت مشكلتي الكبري هي كيف أذيب هذه الطبقات المتحجرة وأردها كما كانت حمما لتمتزج في نفسي ويخرج منها معدن جديد."
في هذا الكتاب يحكي عن الكثير مما غاب عنا معرفته، فلا نعرف قصة صعود طه حسين ولا الكثير عن نضاله من أجل مجانية التعليم، كذلك لا نعرف الكثير مما فعله لأجل تطوير الحياة الثقافية في مصر.
لا نعرف الكثير عن توفيق الحكيم، وعن دوره في تطوير المسرح، بل لا نعرف الكثير من رسائله الفكرية في مسرحياته، ولا نعرف مدي تأثير رواية مثل (عودة الروح) في أول جيل قرأ هذه الرواية، ولا نعرف كيف كانت من أهم المؤثرات الثقافية في حياة (جمال عيد الناصر).
كذلك قصة صعود (أنيس منصور) الكاتب الأشهر في مصر. وكيف تأذي الكاتب كثيرا حينما علم من أنيس شخصيا أنه سيترك الجامعة للتفرغ للصحافة، وكان مما قاله الكاتب عن أنيس منصور: "أو لعلني كنتت أحزن لبعض ما يكتب. كان يلهو . كان يسلي. كان يثرثر، كل ذلك بطريقة خلابة، لكن دون مستواه....."
الكتاب من الروائع فعلا لمن يحب التعرف علي تاريخ الأدب والأدباء و تاريخ حركة الفكر في البلاد، والكثير من التاريخ مع الكثير من الادب.